اختار الرسام الهولندي الشهير وأكبر انطباعيي العالم الموت انتحارا ضدا على التعاسة، رغم المجد الكبير الذي عاشه، واختار الشاعر المغربي أن يجالس إحدى لوحاته ليطل على العالم، هو أيضا لم يجد إلا الخواء كي يؤثث بقاياه ليتم اللقاء معا على كرسي شاغر قرب لوحة الفنان الشهير والتي لم يرسمها بعد..

كُرْسِيٌّ شَاغِرٌ

فتح الله بوعزة

عَبْرَ النَّافِذَةِ الْعُلْيَا، جَنْبَ اللَّوْحَةِ

 لَوْحَةِ "فَانْ غُوغْ" مُبَاشَرَةً

ثَمَّةَ رَجُلٌ يَرْعَى أَنْسَابَ الْهَوَاءِ

عَلَى رَأْسِهِ شَهْقَةٌ وَ ظِلالٌ

وَ يَنْتَابُهُ مَطَرٌ مُسْرِعٌ

كُلَّمَا حَدَّقَ فِي الْخَوَاءِ الْمُمْتَدِّ

 مِنْ حَلْقِهِ حَتَّى آخِرِ حَفْلَةِ رَقْصٍ!

 

ثَمَّةَ  آثَارُ هَدِيلٍ

كُرْسِيٌّ شَاغِرٌ

 وَ رَصَاصٌ قَدِيمٌ

وَ امْرَأَةٌ تَشْغَلُ يَدَهَا بِكَمَائِنَ بَرِّيَّةٍ

لاَ يُفْلِتُ مِنْهَا لُهَاثٌ

أَصَابِعُهَا الْبَتْرَاءُ تُعِدُّ الْغُبَارَ

 لِحَكْيٍ طَوِيلٍ هَمَّازٍ!

 

ثَمَّةَ  أَيْضاً، جَنْبَ اللَّوْحَةِ

آثَارُ خُطَى وَ ضَفَائِرُ تَبْدُو بَرِّيَّةً

يَسَّاقَطُ مِنْ حَوْلِهَا مَطَرٌ بُنِّيٌّ

وَ مَنادِيلُ يَابِسَةٌ

وَ عَيَاءٌ شَدِيدُ الْمُلُوحَةِ

مِثْلَ مَكَائِد شَتْوِيَّةٍ

لاَ تُخْطِئُهَا جُثَّةٌ

بَيْنَمَا يَفْتَحُ الرَّجُلُ بَابَا آخَرَ لِلْمَنْفَى

يَسَّاقَطُ مِنْ رَحْلِهِ بَلَلٌ

وَ ثُغَاءٌ خَفِيفٌ

جَنْبَ اللَّوْحَةِ

 لَوْحَةِ "فَانْ غُوغْ" مُبَاشَرَةً!

 

شاعر من المغرب