في زحمة ما تعيشه هذه الذات المثخنة بلوعة الفراق من شجن، يخط الشاعر الجزائري تفاصيل ما أحدته من شروخ وبعاد حولت المسافات الى ألم لا ينتهي. في ذروة هذه المعاناة تصبح القصيدة ملاذ الروح والجسد وترياق خاص للانعتاق من مستنقع سحيق، أمكن للشاعر حينها أن يرى نهاية الصورة وتجليها في مرآة.

أثر الخيال

حسـين الأقـرع

سكن الجــنــونُ أنَــاملي ويــراعي
ومــضـى يُـدنِّس لَـوعة الـمُلــتاع

وجــرت عـجــائب ما ظننت حُدوثها
في منــتــهى الحـسـرات و الأوجاع

صَمْتي يُـحـشرج فوق لَـحْد خطيئتـي
ويزفّ أنـــفــاس الــرّدى للسّاعي

حــتّى الــحجــارة قد بكت و تفتّتت
من هول ما صنـعـت سِنـيــن ضياعي

شَـهـقـت على ظمـئي هواجـس حيرتي
وَهَـوَتْ على طلـــل الـرّؤى أطماعي

فأناخَ لَفْـــحُ التّــيـه وَجْهَ حـقيقـتي
في ســاحــة الـخُــذلان دون قناع

لـــو يـمتـطي النّسيان ظهر فجيعتـي
ويَــزجّها فـي الغـيـــب قبل سماعي

أحــبـبـتـها والنّـفـس تَرشف لَعْنتي
بــئــس الـغـــرام إذا دعا لوداعي

ما كنت أحسـبـها ستنقـــض غـزلها
وتـلـوك عـرضي بالجوى الخـــدّاع !

حلّ الجـــفــــاف بأرضها وسمائها
وتلا الأنِــيــنُ فَــجَــائِعَ الزّرّاع

هجرت عنــادل شــوقـها من نبضها
فَسَلَخْتُ مَا خَــــطَّ الـهَوَى بذراعي

يا قـلب قَـبْـل القِــيـلِ حُبّك قِبْلَتِي
ماذا جرى ؟... أمْ قَـــلّ حظّ الرّاعي !!

قد أقـتــفي أثــر الخـيـال بلهفتي
من بـعد عـصف الـحبّ في الأصقاع

أحببتها والشّكّ غـــرغر فــي دمي
غاب الحِــجا فــي لـحظة الإمتاع

يغــــتالني صبري بِضحكة غـدرها
ويزيد قصف اللّـــمز وقـع صداعي

من لَمْ يَـرَ الـمرآة تـلـبـس شكله
في ســـورة الإنــسان قل يا ناعي.

شاعر من الجزائر - ولاية الوادي