يخصنا الشاعر والباحث العراقي المرموق بقصيدة جديدة تفكك الزمن الذي تعيشه بإحساس مر مسكون بالخيبة، ومن ديدنها يستدعي الشاعر أقانيم تنجلي في فهم الذي رأى الراهن ينفلت بين يديه في زحمة اللايقين ولاجدوائية هذا العالم الذي أمسى أقرب الى التشظي.

مُثلّثُ الأشباح

عـدنـان الظـاهـر

التاريخ : قديم

                           

(المنفى الثالث / مِن أشعارِ الزمنِ العصيب)

  

الشبحُ الأوّلُ:

حوّلي قاعدةَ الثالوثِ رأسا

وأديري رأسَكِ المكسورَ نصفا

أسدلي فوق زجاجِ البيتِ أستاراً وكِلسا

ما هوى إلّا لكي يُصبحَ نعشا

كسّري فوقَ رؤوسِ القومِ ناقوساً ونقشا

وأديري ساعةَ الذكرى خِلافاً للنهارِ

علّني أقرأُ حظّاً في دواليبِ زماني

عتمي مقبرةَ الأحياءِ صُبحا ومساءَ

عتّمي في ساحةِ التحريرِ كأساً ضاعَ من بين يديّا

عُمرُنا ضاعَ فما قيمةُ رقمٍ زمنيٍّ في جدارِ ؟

 

الشبح الثاني :

لا أرى خلفَ زُجاجِ الحُزنِ شيّا

حطمتنا الموجةُ الأولى إناءً خزفيّا

حُلُم خابَ وطفلٌ ضاعَ هل ألقاهُ حيّا ؟

أنتَ في الأحضانِ ما زلتَ رضيعاً وصبيّا

حظُنا الراصدُ خلفَ البابِ لم يعرضْ علينا ما نشاءُ

حظُنا المربوطُ في حبلٍ تدلّى

ودنا الحبلُ الى بئرٍ وما في البئرِ ماءُ

أقفلِ التأريخَ غَلّقْ في الدُجى المسحورِ بابا

لا أطيقُ اليومَ في الحمّى وفي منفاكَ أنْ أهوى رسوماً أو كتابا

غَلّق الأبوابَ لا تأملْ من النائي جواباً أو إيابا

غَلّقِ الأبوابَ دوني

بيتُنا ضاعَ فما مقدارُ رقمٍ زمنيٍّ في جدارِ ؟

 

الشبح الثالث :

إمسَحي مكتبةَ الأوقافِ سطراً بعد سطرِ

مزّقي سِفرَ كتابي

أحرقي الأخشابَ والأبوابَ باباً إثرَ بابِ

إجعلي السُمَّ شرابي

واحفري بالأصبَعِ المقطوعِ قبراً لقتيلٍ في الترابِ

إجعلي السورَ إزاءَ البيتِ صَرْحاً من مِرايا

تعكسُ الضوءَ بعيداً عن شِعابي

لا أريدُ النورَ يأتي بالسرابِ

لا أريدُ النورَ يأتي بالعذابِ

عتّمي الأركانَ صُبْحاً وعَشيّا

عتّمي غرفةَ نومي

عتّمي روحاً تخلتْ عن إهابي

عتّمي الجُدرانَ بالقارِ ومصهورِ الرصاصِ

واقطعي من غابةِ الكافورِ نعشاً لخلاصي

حُلُمُ العمرِ فقدناهُ فما قيمةُ شهرٍ بابليٍّ في الحسابِ ؟