قد تتقاطع حالة الشاعر التونسي مع العديد من الحالات المجتمعية التي نراها يوميا، وقد تشكل استعارة لراهن الحياة اليوم في ظل وضعية الكساد التي يعيشها المواطن العربي أينما كان، هو توصيف استعاري أقرب الى ذات بلا أفق يلامس الجوانب المادية وحتى القيمية والتي تركت أثرها على النفوس والأمصار.

حالة إفلاس

رضـا حـمـدي

النّفسُ شبّتِ النّارُ بها

من صدى الأفْلاَسْ

يوسوسُ على البلّوْرِ نقرُها

فتحْبَسُ الأنفاسْ

من هوى الميَّاسْ

يوقِّعُ على البلوّرِ رقْصَهُ

عَارضًا على النفوسِ بأْسَهُ

مانِعًا على الشِّفَاهِ كأسَهُ

فتضطَرِبْ أَ َجْرَاسْ

بالقَلْبِ من أصْدَاءِهِ

كرَقَصَةِ الأَقبَاسْ

بفجِّ لَيْلٍ

أمواجُهُ

كدُهْمِ خَيْلٍ

أفْوَاجُهُ

كجَيْشِ قمْلٍ

دَبيبُهُ

كَسيْلِ نَمْلٍ

من طُولِ نَحْسِهِ أُقَاسْ

منذُ سنينْ

بليلِ جيبي ينجُمُ حنين

فالقُمَاشُ منه في أنينْ

و تَخْفُقُ الأمْدَاءُ بالرَّنينْ

رَنينِ مَا على أكْتَافي من أحْلاَسْ

أحْلاَسٌ كالدُّجَى

تَعبَثُ بها السَّمَاءْ

بما تَبُثُّ في الفَضَاءِ من أنْفَاسْ

أنفاسٌ شَوْبُهَا وَبَــــــاءْ

بَرْدٌ و مَاءْ

وَحْلٌ و دَاءْ

في العُروقِ و العظامِ و الدِّمَاءْ

كأَنَّ النَّفْسَ أُشْرِبَتْ ثَوْرَة الشّتَاءْ

فتزْدَحِمْ عَوَاطِفُ

بالقلبِ كالعواصِفِ

و يَرْتقِي إلى العيونْ

مُعْتَلٍ حَدَّ الجُفُونْ

غَمْرُ الشُّجُونْ

و تُعْوِلُ الأمْعَاءُ في الأحشَاءْ

أنشودَةَ الخُوَاءِ كالعُوَاءْ

و تَهْتِفُ الآفَاقُ بالأصْدَاءْ

فَتُحْبَسُ الأنْفَاسْ

مصيخَةً لِـرَنَّةِ الأَفْلاَسْ

مَأخُوذَةً بِطَنَّةِ النُّحَاسْ

على البلَّوْرِ عنْدَ الـنَّـاسْ

فَأَرْحَلُ و جَنْبِي جَيْبِي

إليَّ يشتكي و يَبْكِي

بحُرْقَةِ الأنْفَاسْ

منْ عَادَةِ الإِفْلاَسْ..

 

(تونس)