تفتح هذه القصيدة آفاقا تأويلية عديدة تبدأ بما تستدعيه إحالاتها التناصية إلى الملك الضليل، ولا تنتهي بقدرتها على صياغة استعارتها التي تومئ إلى كل ما يبهظ الواقع المصري.

سلاما أيها الولد العجوز

عبدالمنعم رمضان

 

ارفعْ ذراعك عن ذراعي
أيها الضلٌيل
والملك القديمْ
لا تتخذ مني صديقا
لست أصلح أن أكون لك
المهرج
والمسامر
والنديمْ .
ارفع ذراعك عن ذراع أخي
وأختي
عن ذراع حبيبتي
عن قبر أمي
واستعد إذا رأيت فمي
يدمدم
أو يزومْ .
مازلت أحلم
أن يكون دمي نظيفا
أن تكون أصابعي بيضاء
أعماقي مقرا للهواء البكر
جسمي
طائرا يقظا كثيرا
أو كأن الريح تسكنه
وتجري فيه
أحلم أن تعود براءتي
مازلت أحلم أن أري
في طرف منديلي
فراشات تحومْ .
ارفع ذراعك عن ذراع مدينتي
فأنا الذي شاهدت غيمتها
تطوف
أنا الذي شاهدت في طرقاتها
ناسا إذا يسعون
تسعي خلفهم كل النجوم
وبعض أنواع الهمومْ.
هذا هو البيت الذي أنزلت فيه
فلا تزره
إذا أردتّ سلامتي
هذا هو الميدان
تلك الشمس مازالت إذا نمنا تنام
كأنها مملوكة عذراء
ليس لها غريمْ .
فانظرْ بعيدا عن أشعتها
تذكرْ خيمة الماضي
تذكرْ ما تريد
عصا المعلم
منزل النساك
صندوق العجائب
باب إنجيل المحبة
قبة الميدان
تلك الشمس
مازالت إذا قمنا تقومْ .
ارفع ذراعك عن ذراع الشمس
فهي وديعتي
مازلت أوثر أن أراقبها أشم لهيبها
مازلت أوثر أن أراها تستعيد ثيابها
مازلت أوثر أن أري ظلي
الذي جاءت به خلفي
يسابق خطوتي
مازلت أوثر أن تهيم معي
وأن معها أهيمْ .
ياليتني أعطيت نفسي
للهوي العذري
والعشق الرجيمْ .
وبدوت مثل الصاحب المهجور
وجهي ذابل
وخطاي نافذة
أحاول أن أغض الطرف
أن أقتاد عائلتي
وأن أنوي العكوف هناك
قرب البئر
لكن التخوم ْْْْْْْْْْ .
ياليتني أعطيت نفسي
للنعيم والجحيمْ .
هوذا أنا أخشي السماء بكل أهبتها
وأخشي أن يراني الله
مكتئبا حزينا
أن يراني الله
أحمل آلتي
من غير أغنية
أغنيها أمام خطيئتي
في أن أظل العاشق المحموم
والخصم الحميمْ.
هوذا أنا أخشي الغيومْ.
فارفع ذراعك عن ذراعي
أيها الضليل
والملك القديمْ.