هذه تجربة شعرية شيقة لشاعر المغربي يبجث عن سيرورة ما أسماه بالخرائط الدلالية للحروف في لاوعي الكائن اللغوي ومدى انفتاحها على احتمالات تأويلية داخل حقول دلالية متداخلة.

سفر الجنون

فهد الصايغ

(3) كلمة للشاعر مصحوبة بقراءة للنص
سفر الجنون محاولة تجريبية في الشعر لم تنشر من قبل، كانت ثمرة لبحث قمت به حول اللغة والإمكانيات التي تتيحها وقدرتها على نقل الواقع الثلاثي الأبعاد في الأصل بأداة (اللغة) خطية، وحول الحمولة الدلالية للكلمة عموما والحرف خصوصا داخل المنظومة اللسانية لمجموعة من اللغات.

 

 

القصيدة ليست النتيجة المنتظرة وإنما محطة أساسية في سيرورة البحث، ذلك أنه، وبعد تعذر الإستمرار لإكراهات تقنية (بالضبط عند وضع ما أسميته خرائط دلالية للحروف في لاوعي الكائن اللغوي) بسبب ضخامة المهمة والعمل الفردي. لهذا ارتأيت استثمار  بعض النتائج المتوصل إليها في القصيدة (سفر الجنون) فكانت تعكس الطبيعة الرياضياتية الشعرية التخييلية للغة وانفتاحها على احتمالات تعطي التأويل موضوعية و شرعية داخل حقول دلالية متداخلة. 

 

 

أوسط السطور
عندما ينطلق الشعر من واحد منا، فإنه ينعتق نحو الحرية حيث لا يسع هذا العالم طموحه
فعل الشعر كإدخال الفيل ثقب إبرة!
حيث لا يسع هذا العالم مخيلة الشاعر، هكذا يصبح الكائن المرآة، مغتربا في جسده، منفيا في المتاهات المتحركة .. لما ينعكس فيه و عليه من الواقع.  قد يبدو الأمر خياليا أو مفرطا في الحساسية، لكنه يبقى عند الشاعر غاية في الطرافة أن يستمتع، بما يعتصره من ألم .. ألم اغترابه في ذاته: أقرب شيء ملموس إليه .. ألم اجتياح مآسي الناس و أصداحهم قلبه دون ترخيص أو حتى إشعار .. ألم الوحدة المنبع .. ألم الحقيقة، تلك التي تدفعه ليقبل واقعا يعرف أنه تيار جارف لا يقدر أحد على ملاحظته ما دام مصدقا أنه الموجود الوحيد و أنه الحقيقة المطلقة .. لا أحد، سوى من يطل من على شرفة عالية من على مرتفع، هو محايد، مثله أو كمثل فيلسوف أو قديس. يبدو عند الشاعر غاية في الطرافة أن يرى في نفسه، أو مخيلته، أو .. أو .. أو سمها ما شئت، أن يرى مرآة تعكس كل شيء، حتى نفسها، تعكسه مسطحا، و أن يبحث هكذا عن عمق .. في العمق نفسه. 

 

 

فعل الشعر كلحظة سقوط في هاوية من هاوية!
أن يبحث هكذا عن عمق انطلاقا من العمق نفسه، العمق الذي لا يستطيع سوى تصوره عندما ينظر في المرآة / في نفسه، و تصور لونه، و شكله، و ملمسه، ورائحته، و سر وجوده المغترب في مكان غير مكانه دونما تشبيه أو استعارة، كاغتراب الأشياء في الحلم. 

 

 

فعل الشعر ليس استعارات بل حقائق يحجبها التيار كما الشمس النجوم، إلا بصفاء فكر يختزن ذكريات الليالي و نظرة مباشرة إلى الذات!

 

 

يلتقي الحلم و اليقظة في أمر أساسي، لكل منهما زمان و مكان، و لكل منهما بعد ثالث و مغزى، إلا أن الزمان غير الزمان و المكان غير المكان. و المغزى سؤال يتناسل منذ الأزل و يتيه بمن طاوعه نحو اللامعنى، لكنه يبقى سؤالا وجيها يقترح أنصاف أجوبة من صنف أنصاف الأسئلة. هكذا، لأنه السؤال و لأنه الجواب. هكذا هو مفيد إذ يقود النظر إلى المعنى مباشرة دون وسائط، و دون أن يكشف لغزه لأحد. ولأن جوهره يعود بنا لنقطة البداية الأولى حين كان واحدا (المغزى) ، قد يطول السفر في السؤال قبل الوصول لنقطة البداية، فلا ندرك لهذا المغزى بين الحلم و اليقظة اتصالا أو انفصالا.

 

 

الشعر من ضروب المغزى إذ يفتح من الذاكرة نافذة على عوالم المعنى دون أن يكشف لغزه.
يا من أقبلت، بتصفحك هذه القصيدة الديوان، على هديتي!
أتساءل إن كنت تحافظ على الصورة! ستتحرك كلما مر الوقت حتى تصير مرآة (هي / أنت ) حيث يمر كل شيء على غير نمطه المعهود، قد تصبر حتى يضيق به قلبك، و قد تصبر فتصبر، حتى يعتصره الألم، فيفيض شعرا، ما أعذبه! ما أصدقه! ما أفصحه!
و سيكون المتعة
متعة المغزى
متعة قوة مستمدة من الألم
كالورد يتفتح على الشوك ..
سينشرح قلبك شعرا
و قد يحميك الألم الذي أرقك
حين تحتفل بالفرح
يا من أقبلت، بتصفحك هذه القصيدة الديوان، على هديتي!
أهديها لك مغزى، كما أهديتها لأشباهك و من قد يقرأونه من بعدك. 

 

 

عبر الجنون
عبر الجنون
يراوغ الحظ .. فتدارس أنت
ضروب الفنون.
تمضي الأيام ..
هلاما ينفلت
و أنت لا تعرف
كيف تكون
ذكرى تؤنسنا..
كي لا يطفو
معنى الحنين
.....
مع تجاعيد السنين
قبل الرحيل
غدا ..
و يشيع
ماض يضيع
سرا للجنون. 

 

 

تمضي
عبر الجنون
تمضي الأيام .. ذكرى تؤنسنا
قبل الرحيل ..
يراوغ الحظ
هلاما ينفلت .. كي لا يطفو
غدا ..
و يشيع.
فتدارس أنت .. و أنت لا تعرف
معنى الحنين
ماض يضيع .. ضروب الفنون
ضروب الفنون .. كيف تكون
مع تجاعيد السنين
سرا للجنون. 

 

 

حـظ
عبر الجنون
يراوغ الحظ
فتدارس أنت
ضروب الفنون.
خرائط هزل .. في منآى
تحمل لغزا
وانزواء ..
أضاعت لفتتها
بعيدا عن الفضول،
والأرق يتفتق
صيحات
في مكان.
والتعقل ..
خرافة
تتشبث
قول المستحيل. 

 

 

خرائط الجنون 
عبر الجنون
خرائط هزل
أضاعت لفتتها.
في مكان
يراوغ الحظ .. في منآى
بعيدا عن الفضول
و التعقل.
فتدارس أنت
تحمل لغزا...
والأرق يتفتق
خرافة تتشبث:
ضروب الفنون
و انزواء
صيحات
قول المستحيل. 

 

 

أيام
عبر الجنون
تمضي الأيام .. ذكرى تؤنسنا
قبل الرحيل. 

 

 

خرائط هزل
كمجرى نهر
كل مساء ..
تسير 

 

 

أضاعت لفتتها
تقسم ألفا
بلهيب يضيء ..
ستنطفئ
في مكان. 

 

 

لن تعود
في القلوب
كدقات الزمان. 

 

 

هزل
عبر الجنون
خرائط هزل
أضاعت لفتتها
في مكان. 

 

 

تمضي الأيام
كمجرى نهر 

 

 

تقسم ألفا:
لن تعود ..
ذكرى تؤنسنا .. كل مساء
بلهيب يضيء
في القلوب، 

 

 

قبل الرحيل ..
تسير 

 

 

ستنطفئ
كدقات الزمان. 

 

 

هلام
يراوغ الحظ
هلاما ينفلت
كي لا يطفو
غدا ..
و يشيع،
في منآى ..
كرة ثانية
لسبر معابر
إلى المجهول ..
بعيدا عن الفضول
بين دروب الحي
إلى الناس:
ما كان وعدا.
و التعقل
كرماد المداخن
بعد عطاء
قد أقسم أن يزيل. 

 

 

مراوغة الحظ
يراوغ الحظ
في منآى ..
بعيدا عن الفضول .. و التعقل.
هلاما ينفلت
كرة ثانية
بين دروب الحي
كرماد المداخن،
كي لا يطفو
لسبر معابر
إلى الناس
بعد عطاء..
غدا .. و يشيع،
إلى المجهول
ما كان وعدا
قد أقسم أن يزيل. 

 

 

انفلات
تمضي الأيام
هلاما ينفلت
و أنت لا تعرف ..
كيف تكون. 

 

 

كمجرى نهر
كرة ثانية
تتفقد أمالك
و ذكراك. 

 

 

تقسم ألفا..
بين دروب الحي
أو لا تكترث .. 

 

 

لن تعمر!
لن تعود
كرماد المداخن
بمرقدها!
أبدا لا تدوم! 

 

 

مجرى الأيام
تمضي الأيام
كمجرى نهر
تقسم ألفا
لن تعود
هلاما ينفلت
كرة ثانية،
بين دروب الحي
كرماد المداخن
و أنت لا تعرف. 

 

 

تتفقد آمالك
أو لا تكترث ..  

 

 

بمرقدها. 

 

 

كيف تكون
و ذكراك
لن تعمر .. 

 

 

أبدا لا تدوم! 

 

 

في منأى
خرائط هزل
في منآى ..
تحمل لغزا
و انزواء. 

 

 

كمجرى نهر
كرة ثانية
تتفقد آمالك 

 

 

و ذكراك
كل مساء ..
لسبر معابر. 

 

 

تتحقق من ساعتك
أهي في مكانها؟ 

 

 

تسير .. 

 

 

إلى المجهول
خائفا خذلانا
بعد أن غلب التيهان. 

 

 

نهر الهزل
خرائط هزل
كمجرى نهر
كل مساء
تسير
في منآى .. 

 

 

كرة ثانية،
لسبر معابر
إلى المجهول، 

 

 

تحمل لغزا
تتفقد آمالك
تتحقق من ساعتك
خائفا خذلانا
و انزواء. 

 

 

و ذكراك .. 

 

 

أهي في مكانها؟
بعد أن غلب التيهان. 

 

 

ما لا تعرف
فتدارس أنت
و أنت لا تعرف
معنى الحنين ..
ماض يضيع.
تحمل لغزا
تتفقد آمالك
تتحقق من ساعتك
خائفا خذلانا 

 

 

و الأرق يتفتق .. 

 

 

أو لا تكترث،
تكشف عن هلوسات 

 

 

تغني أو ترقص
خرافة تتشبث
بمرقدها:
تتنبأ خيرا
لدرس الحنين. 

 

 

تحمل لغزا
فتدارس أنت
تحمل لغزا
و الأرق يتفتق
خرافة تتشبث ..
و أنت لا تعرف.
تتفقد آمالك
أو لا تكترث،
بمرقدها ..
معنى الحنين
تتحقق من ساعتك
تكشف عن هلوسات
تتنبأ خيرا: 

 

 

ماض يضيع. 

 

 

خائفا خذلانا

 

 

 تغني أو ترقص
 لدرس الحنين 

 

 

كل مساء
ذكرى تؤنسنا
كل مساء
بلهيب يضيء
في القلوب.
كي لا يطفو
لسبر معابر .. إلى الناس
بعد عطاء
معنى الحنين.
تتحقق من ساعتك
تكشف عن هلوسات.
تتنبأ خيرا ..
مع تجاعيد السنين!
أهي في مكانها؟
نسكنها
كي تسكننا. 

 

 

ما لا يطفو
ذكرى تؤنسنا
كي لا يطفو
معنى الحنين
مع تجاعيد السنين.
كل مساء
لسبر معابر ..
تتحقق من ساعتك
أهي في مكانها
بلهيب يضيء؟
إلى الناس
تكشف عن هلوسات ..
نسكنها
في القلوب
بعد عطاء
تتنبأ خيرا
كي تسكننا. 

 

 

لفتة الفضول
أضاعت لفتتها
بعيدا عن الفضول.
و الأرق يتفتق .. صيحات
تقسم ألفا
بين دروب الحي
أو لا تكترث ..
لن تعمر!
بلهيب يضيء
إلى الناس ..
تكشف عن هلوسات
نسكنها.
ستنطفئ.
ما كان وعدا:
تغني أو ترقص
من الخرق. 

 

 

قسم
أضاعت لفتتها!
تقسم ألفا
بلهيب يضيء ..
ستنطفئ
بعيدا عن الفضول
بين دروب الحي .. إلى الناس.
ما كان وعدا.
و الأرق يتفتق
أو لا تكترث ..
تكشف عن هلوسات
تغني أو ترقص
صيحات
لن تعمر!
نسكنها .. من الخرق. 

 

 

ضروب الفنون
ضروب الفنون
كيف تكون
مع تجاعيد السنين
سرا للجنون
و انزواء.
و ذكراك ..
أهي في مكانها
بعد أن غلب التيهان؟
صيحات
لن تعمر
نسكنها
من الخرق
قولَ المستحيل.
أبدا لا تدوم
كي تسكننا
مغزى الجنون. 

 

 

انزواء
ضروب الفنون ..
و انزواء ..
صيحات ..
قول المستحيل ..
كيف تكون؟
و ذكراك
لن تعمر!
أبدا لا تدوم
مع تجاعيد السنين.
أهي في مكانها ..
نسكنها؟
كي تسكننا
- سرا للجنون -
بعد أن غلب التيهان
من الخرق
 مغزى الجنون. 

 

 

قبل الرحيل
قبل الرحيل
تسير.
ستنطفئ  ...   ...   دقات الزمان
غدا ..
و يشيع
إلى المجهول
ما كان وعدا ..
قد أقسم أن يزيل
ماض يضيع.
خائفا خذلانا
تغني و ترقص
لدرس الحنين ..
- سرا - ..  للجنون.
بعد أن غلب التيهان .. من الخرق
: مغزى الجنون. 

 

 

غدا
قبل الرحيل ..
غدا ..
و يشيع
ماض يضيع.
سرا للجنون
تسير
إلى المجهول
خائفا خذلانا،
بعد أن غلب التيهان
ستنطفئ.
ما كان وعدا
تغني و ترقص
من الخرق
كدقات الزمان
قد أقسم أن يزيل
لدرس الحنين
مغزى الجنون. 

 

 

مكان للتعقل
في مكان
و التعقل
خرافة تتشبث
قول المستحيل،
لن تعود
كرماد المداخن
بمرقدها ..
أبدا لا تدوم
في القلوب،
بعد عطاء
تتنبأ خيرا
كي تسكننا،
كدقات الزمان
و التعقل
قد أقسم أن يزيل
لدرس الحنين
مغزى الجنون. 

 

 

اللاعودة
في مكان 00
لن تعود
في القلوب:
كدقات الزمان.
و التعقل 000 كرماد المداخن
بعد عطاء
قد أقسم أن يزيل
خرافة:  تتشبث
بمرقدها 00 
تتنبأ خيرا
لدرس الحنين!
قول المستحيل:
أبدا لا تدوم
كي تسكننا
مغزى الجنون. 

 

 

فاس ـ المغرب