في هذه القصائد الثلاث بإقاعاتها وعوالمها المتغايرة يكشف هذا الشاعر المصري عن تجربته ويصوغ عبرها قاموسه وصوره واستعاراته المتميزة.

ثلاث قصائد

سعيد أبوطالب

 

1. هروب أبى الطيب المتنبي

سؤال

وهو يحصى مسبحته

سالنى ذو التاسعة:

ماذا يجب ان نردد

قبل العمليات الاستشهادية؟

حبيب

باغتتنى

ببحثها الدائم عن حبيبها المستحيل

الذى

لايطال حذاء السيد"بوش"رأسه

يد أمينة

تركتها

ـ بعد التحية الواجبة ـ

فى اياد امينة

بسجن القناطر

رحيل

حملت عصفورىَ بين ضلوعىَ الهرمة

:خليلىَ

         أهذا مناخ لمثلنا؟**

الامم المتحدة

اسرى للقدس

لبغداد والكوفة والموصل

للقاهرة

التتار والصليبيون

يبولون طوال الليل

فى الشوارع

-يحاولون جاهدين

اطفاء حرائقها-

صمت

اشعل ظهر الفسطاط شهوة وصهيلا

اجوس فيها

شارعا فشارعا

ابحث عن وجوه

-اكرهها فى صمتها الدائم-

اصرخ مجروحا

"الى اىَ جانبيك

              تميل؟"**

عولمة

ألملم اشلائى

الفلسطينيين

العراقيين

والمصريين الذين ادركوها وهى "طايرة"

والامريكيين

والفرنجة

واليهود

اركبوا زورقى

فلنصعد معا لقمر العالم

لنغادرها لهم

البحر أمامى

كانت الروم امامى

وخلف ظهرى

             خناااااااااااااااااااااااجر الروم**

ثوب شفاف

الخلفاء

يأمروننى ـ وسط التصفيق الحاد ـ

ان أصف عظمة ثيابهم الباهرة

وهم يرتدون الهواء

الحذاء

وصل للميدان

وهم يحيطونه مدججين

اسقطوا-فى مشهد درامى-التماثيل

راقبتهم جحافل الامن المركزى

وهى تدق الارض بالاحذية الثقيلة

رفعوا الحذاء الشاهق

مكان التمثال الشاهق

مقايضة

سأمسُ

جسدك الدافىء

أيتها المرأة البحر

سأغافل هؤلاء العسس

لأرشف نبيذك

قطرة فقط

لحظة فقط

امنحك عمرى

 ** فقرات مستوحاة من اشعار المتنبى

2. رحيق"سانت فاتيما"

يتسلل

       من ملاعق المائدة

      ـ التى لاتتسع الا لعائلة صغيرة ـ

       من عنفوان مراودة الضوء للبحر والجماميز

      من صلوات النجوم البعيدة، التى تتوارى خجلا

      من تاريخ الفراعنة المكنوز، والشيوعيين الخونة

       من كل الامسيات

       التى حملت روايتنا المعادة عن العدالة

       وعن موازين الدم التى انتظرناها

        وعن جميزة شاهقة

            بين اشلاء البيت

      

       من جسدى المتطاير كرماد الخريف ة

          الحالم بالنوافذ الواسعة وبسرقة الحناء من زهور العالم

      من شغفى بامتصاص النبيذ

     ومن لهفتى لتفاصيل المزدحمات بالشوارع

من رحيلى الدائم لغواية الشواطىء

منها

من "سانت فاتيما"

                    لم تكن امى

                             ولا زوجتى

                              وليست ابنتى

                              وليست امتزاجهن فى رذاذ الموج المتلاطم

المغلقة كمزلاج بيت قديم

من خصوبتها التى تخلعها من اجل هالة مقدسة معلقة على فراشى

من طفلها السرى الذى تحمله بمحطات المترو

وتلصق على جدران قلبها"فلسطين عربية"

من قنفذها البرى الذى يدمى قلوب المحبين

من الوهج المتشح بالقصائد المزعومة

   المحملة بالمجاز الاعوج

من شجرة الصمت العجوز

من الوشم المتدثر بالاساطير

من رائحة النارنج والروث المخلوط بالحليب

من الهرولة لقصور الانبياء والولاة الذين لاياتيهم الباطل

يتسلل

      من المقابر التى صنعناها بايدينا

    ومن المسافات التى لاتتسع

     الا ......   لحدائق الصبار   

3. محمد المانيا

كان يحلم

ان يسكت الضفادع برنينه

سائق الميكروباص

خط بنها ـ جمجرة

مل رشف الكئوس

ورائحة الجميز والسنط

واخضرار النهود البرتقالية

اغلق الجنرالات والذئاب

رتاج المدينة الثقيل

فعبر المحيط

مع الذين يحملون عائلاتهم بالحقائب

وجيوب المعاطف الثقيلة

الغير كافية لاشعال الدفء

احاط العولمة ناصعة البياض ـ

العولمة التى بلون المرمر ـ

بارتعاشة الطمى

فاستعضت عن رجفة الغريب

به

ادركت ـ حين رايته بالمدينة الغريبة ـ

انه سيظل لسنوات عدة

مقسوما على اثنين

بشرته السمراء

وصياحه

وعرق كفيه

وكراهيته لحم الخنزير

وسترته القديمة المعلقة ببنها خلف الباب

استعاض عنها بمن تشعل فراشه البارد

"اقيم الان مع صديقتى

بدوسلدورف"

من يغزل له ثوبه الان؟

اما زال يستطيع

سرقة الحمام الالمانى الهادىء؟

كان يكره ايضا

تراب زجاج النوافذ

والطبول المحيطة بالجنرالات

والاجساد الالمانية الباردة

اصبح صمته كشباك الصيادين

فصديقته

امتهنت اقدم مهنة فى التاريخ

القاهرة