يتغير شكل شهر أبريل عند الشاعرة التونسية مفيدة صالحي، إذ يصبح وجوها لحقائق أخرى لا استعارة للكذب، ومن خلال هذه القصيدة تركب الشاعرة عباب انعتاقها النهائي وهي تبحر على أوراق الشعر حيث كينونة اللغة ومتخيلها.

سمكةُ أوَّلِ إبْرِيل

مفـيـدة صالحي

في شَوَارِعِ ذاكِرَتي يَمْتَدُّ نَهْرٌ 
على نوَاصِيهِ تَسْتَلْقِي بَضَائِعُ أَفْكَارٍ شِرّيرَة ،
فَأُجَرِّبُني لَئيمَةً ،  
مرَّةً أُرْخِي المَاءَ كَيْ لاَ تَعْبُرَ خِرَافُ الرَّاعِي
وَ مَرَّةً أُخْفِيهِ لِكَيْ تَتَعَرَّى الأسْماكُ ،
وَكثيرًا ما أطْوِي الطَّريقَ في جَيْبِي 
لتِتُوهَ السّلاحِفُ عنْ مواسمِ بُيُوضِهَا ،

أحْيانًا أُجَرِّبُ مَكْرِي
فأُدْلِي سِتَارًا أمامَ وَجْهِ القمرِ لِيَكُفَّ عن إبتزازِ الشّمْسِ
أوْ أَرْسُمَ نَوَاِفذَ في السَّمَاءِ 
ثُمّ أُغْلِقُهَا عمْدًا لِتَعْجَزَ النُّجُومُ عن فَهْمِ مَجَازِهَا

 

و إِنْ لَزِمَ الأمْرُ أقْتَلِعُ أزْهَارَ ثَوْبِي

 أُسَمِّمُهَا فَتَرْكُضُ مَجْنُونَةً نحْوَ أَحْشَاءِ الأرْضِ،
و بِوِشَايَةٍ كاذبَة أُحَرِّكُ دَعْوَى لِصَالِحِ قُطَّاعِ الطُّرُقِ 
فَيَنْتَصِرُونَ كَالطَّفْحِ الجلْدِيِّ وَيَظْلِمُونَ الحَصَى

 وَ النّهرَ

   و الأشجارَ

    و الأفكارَ

        والحبَّ

          و الصّمتَ

               و الشِّعرَ   


ويحتفلُونَ بكَنْسِ كلِّ جُثَثِ الأحْلامِ التّي سَقَطَتْ مِنْ رَحِمِي 
أَوَانَ تَبَادُلِ الأدْوارِ مع الوهمِ،

 

و شمَاتَةً في المنطقةِ الوُسطى، أينَ لا رُجوعَ لِورَاءٍ ولا ضوْءَ لأمامٍ،
أُجَرِّبُنِي لَئِيمةً أكثرَ

وأصْنَعُ قارِبًا من ورَقِ قصِيدَةٍ لمْ تَكتمِلْ .
القارِبُ يَغْرَقُ فِي حَلْقِي
وامْرَاَةُ ذِهْنِي تَلْعَنُ النّهرَ والشِّعْرَ،
مُمْتَلِئَةً بالكذِبِ،  شَاسِعَةً كَخَيَالِ سمكةِ أَوّلِ إبْرِيل .

 

 ( تونس )