خلال الموسم الثقافي "الحب طوق نجاة" واحتفاء بذكراه، توج مركز الشيخ ابراهيم الثقافي تجارب تشكيلية تمثل أهم الأساليب الإبداعية الحاضرة اليوم في المشهد الثقافي البحريني، ومن خلال هذا التقرير نقترب من هذه التجارب الفنية ومن انشغالاتها الجمالية ومن رؤاها وموضوعات رسوماتها، كما يمكننا التقرير من الاقتراب أكثر من تجارب هذه الثلة من المبدعين والذين يسهمون اليوم في رسم معالم المشهد التشكيلي في البحرين.

مركز الشيخ إبراهيم يتوج 15 تشكيلياً في معرض فني

نحو حدث نوعي ومتكامل يعزز من رقي الفنون، يحتفي مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث، بنخبة من التشكيليين ضمن معرض موسوم بــ " 15/ 15"، معني بالتراث الثقافي والمعماري من منظور الفن المعاصر، إذ سيحفل بتقديم خمسة عشر موقعاً مختلفاً يروم بين المنامة والمحرق، اعتباراً من يوم الخميس الموافق 15 ديسمبر 2016، ويستمر حتى 15 مارس 2017، وسيشكل المعرض انصهار كافة الأساليب الفكرية والممارسات الجمالية التي تتكيف مع الأمكنة ، جنب إلى جنب مع ربط الأصالة بالمعاصرة انطلاقاً من التراث الثقافي والمعماري البحريني، والمزاوجة بين التقاليد السائدة التي تختلج في أواصر الهوية، وتسبر تاريخ العمار ة، وذلك في اتجاه يتوافق مع رؤى الفنان ومدركاته تارة، وتأويل الأعمال الفنية وأبعادها تارة أخرى، ويعتبر المعرض سلسة من المشاريع التي سيحاكي فيها كل فنان بحوار يعكس فرادة المنهج التشكيلي ، بجملة من الأطروحات التي تخاطب مقاصد الصور الإبداعية الراهنة، وخصوصيتها في المكان، يكون ذلك ضمن الموسم الثقافي الموسوم بــ " الحبُّ طوُق نجَاةٍ" ، يوم الخميس الموافق 15 ديسمبر 2016 ، عند الساعة 6 مساء، في بيت خلف-ذاكرة المكان في المنامة، مروراً بالبيوت الأخرى المتفرعة عن مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث، ويجيء معرض 15/ 15 ، تماشياً مع الذكرى السنوية الخامسة عشرة لتأسيس مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث في يناير 2017.

يشارك في معرض "15/ 15"، نخبة من التشكيلين، والواعدين في الحركة التشكيلية، تتراوح أعمالهم ما بين اللوحات والمشاريع الفوتوغرافية والأعمال الإنشائية والمنحوتات، أبرزهم الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة الرئيس الفخري لجمعية البحرين للفنون التشكيلية، إذ سيكون – بيت خلف / ذاكرة المكان- المنامة، موقع لأعماله الفنية، ومن هنا نستقرئ مسيرته خلال السطور:

تلقّى راشد آل خليفة تدريبه الفني في انجلترا، وقد انتقل في مسيرته الفنية من لوحات المنظر الطبيعي والتعبير الرمزي التي بدأ بها حياته المهنية إلى الرسم التجريدي بأنواعه، خصوصاً المنفّذ على قماش محدّب فريد. من خلال معرضه الاستعادي الذي أقيم في متحف البحرين الوطني عام 2010، لفت راشد آل خليفة انتباه عشاق الفن على المستوى العالمي. وقد نجح الفنان مؤخراً في توسيع دائرة أعماله التجريدية، فتوصّل إلى استخدام المينا على هياكل محدّبة من الكروم. عُرضت أعمال آل خليفة في معارض عالمية شملت بينالي فينيسا السادس والخمسين للفنون، وبينالي تريو في ريو دي جانيرو عام 2015. راشد آل خليفة شخصية رائدة في عالم الفن البحريني، وهو داعم دائم للفنون، وأحد مؤسّسي جمعية البحرين للفنون التشكيلية.

 

 الفنانة غادة خنجي، لها موعد مع بيت الشّعر – بيت إبراهيم العريّض، المنامة، وهنا بعض ملامح حياتها:

عادت المصوّرة الفوتوغرافية غادة خنجي التي تابعت دراستها في الولايات المتحدة الأميركية، مؤخراً إلى مسقط رأسها البحرين بعد إقامة طويلة تجاوزت 20 عاماً في نيويورك. توثّق صور خنجي المناظر الطبيعية والناس في كافة أنحاء العالم، وتتميز صورها بالالتزام المتأصل بالعنصر الإنساني. بعد مسيرة طويلة أمضتها في عالم الأزياء والتوثيق الفوتوغرافي، قادتها عودتها إلى البحرين إلى مجال جديد تماماً، إذ غيّرت منظورها الفني وبدأت في العامين 2015 و2016 تركز على نفسها وعلى هويتها وعلى أنوثتها وفكرتها عن الفناء. حازت غادة خنجي خلال مسيرتها على العديد من الجوائز العالمية في التصوير، مثل جائزة لوتشي، وبري بيكتت، وجائزة جوليا مارغريت كاميرون.

 

الفنان عدنان الأحمد ، يتخذ من بيت محمد بن فارس لفنّ الصّوت الخليجيّ، المحرّق، مقر لأعماله، ومن المعروف أنالأحمد رسّام لوحات وجداريات تلقى علومه في فرنسا ولديه سجّل فني حافل. على مرّ السنوات نجح الفنان في تطوير أسلوب فريد يتميز بالأشكال والتراكيب الهندسية المبسّطة. يسعى عدنان الأحمد من خلال أعماله التي يستقيها من الموسيقى والشعر والفلسفة، للتعبير عن الذكريات الشخصية والقضايا الفكرية التي تحكم حياة البشر. قدّم الفنان عدداًكبيراً من المعارض في البحرين والإمارات وعمان والمملكة العربية السعودية والمغرب ومصر وأوروبا، خصوصاً فرنسا. وقد مُنح عام 2014 وسام الكفاءة من الدرجة الأولى من حضرة صاحــب الجلالة الملك الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة.

أما الفنان فيصل سمرا ، يفصح عن أ فكاره في قاعة محمد بن فارس لفنّ الصّوت الخليجيّ، المحرّق، وللتوضيح عن بداياته ، تلقى فيصل سمرا علومه في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في باريس، وهو من روّاد الفن المفاهيمي في الشرق الأوسط. تشمل أعماله الرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي وأفلام الفيديو والأعمال الإنشائية. يخرج في أعماله عن المألوف ويركز على الجسد البشري في تناوله للمواضيع الوجودية والسياسية، حيث يشكك بالوضع الراهن والمنظور الذي نرى من خلاله أنفسنا. في آخر أعماله الذي استضافته عمارة بن مطر (البحرين، 2015) تحت اسم "الاحتباس الحراري" تناول بشكل نقدي ثورات الربيع العربي من خلال مجاورة اللوحات والتراكيب الإنشائية وأفلام الفيديو.

فيما تعرض الفنانة هيا آل خليفة، رؤاها في ذاكرة البيت، المحرّق، يذكر أن هيا آل خليفة كاتبة ومصوّرة وثائقية تعيش في البحرين. تركز في أعمالها الفوتوغرافية على تغير المشهدين الثقافي والطبيعي في المملكة. وثّقت أعمال مجموعتها الأولى التي حملت اسم "المنظر من فوق" 2011 مشاهد نادرة للبحرين. أنهت الفنانة مؤخراً العمل على مجموعتين من اللوحات الشخصية البيئية، حملت الأولى عنوان "رمال متلألئة" والثانية "قرب البحر"، وقد استخدمت فيهما إضاءة الاستديو الخارجية، وصوّرت المواضيع في بيئتها الطبيعية. تم اختيار أعمال هيا آل خليفة للمشاركة في معارض جماعية في عمارة بن مطر في البحرين، وفي معرض الرواق الفني، كما قدّمت معرض "غاية ترفيهية" في متحف البحرين الوطني عام 2014.

بينما تطرح الفنانة هلا آل خليفة، اشتغالاتها الفنية في مركز الشيخ إبراهيم- المحرّق، نالت على شهادات في الفنون الجميلة من جامعتيّ تاتفتس (بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية) وسليد للفنون الجميلة (لندن، المملكة المتحدة)، أعمالاً بوسائط متعددة تتفاوت ما بين الرسم والأعمال التركيبية والفيديو. شاركت الفنانة في عدد من المعارض الجماعية والفردية في كلٍ من لندن ومصر والكويت وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة. أما في البحرين فقد عُرضت أعمالها في متحف البحرين الوطني ومعرض الرواق الفني وعمارة بن مطر. كان معرضها الفردي الذي حمل عنوان "البحر" (عمارة بن مطر، البحرين، 2013) علامة بارزة في مسيرتها الفنية، إذ تناول موضوع الغوص واستخراج اللؤلؤ، الذي يعد جزءاً مهماً من تراث البحرين وهويتها الوطنية، وذلك من خلال عمل تركيبي يمثّل شبكة صيد تفاعلية ضخمة، ترافقت مع عرض فيديو.

الفنانة وحيدة مال الله تقدم جانب من أجوائها في مكتبة اقرأ – مكتبة الأطفال، المحرّق، ومن المعلوم أن

الاستكشاف المرح هو أبرز سمات صور وحيدة مال الله الفوتوغرافية ومقاطعها الفيديو وتراكيبها التفاعلية. تدخل مال الله إلى عالم الفتيات والنساء ومجتمعاتهن الضيّقة وتضيء على الأعراف الثقافية والدينية وعلى القواعد والأنظمة التي تحكم حياتهن. وعلى نحو مميز تنتج أعمالها بشكل مجموعات كبيرة من الصور الفوتوغرافية، تستخدم فيها أسلوب إيقاف الحركة. تلقّت مال الله دعوات للمشاركة في بينالي الشارقة والقاهرة عام 2009، وقد تُوِّج نشاطها بمشاركتها في جناح البحرين الوطني في بينالي فينيسيا للفنون عام 2013. استضافت عمارة بن مطر(البحرين 2016) مؤخراً معرضاً استعادياً لصورها سلّط الضوء على مجمل أعمالها الفوتوغرافية الرائعة، لأول مرّة.

الفنان جعفر العريبي، يضج بعبثيته في لقمتينا، المحرّق، وعرف عنه باستخدام الألوان الزيتية على القماش في الغالب. تصوّر لوحاته قامات فارعة لرجال وتشكيلات من الحيوانات، وأعماله تتمحور حول الضغوط الاجتماعية وتوقعات الذكور والإناث. تعتبر أعماله، بتقنياتها الإيمائية المتدفقة وغلبة اللون الأسود عليها، من الأصوات القوية في المشهد الفني البحريني. وقد جذب معرضه الذي أقيم عام 2010 في صالة الرواق بعنوان "الرجل"، الكثير من الاهتمام، وقد أتبعه بمعرضين أقيما في قاعة كوادرو للفنون الجميلة (دبي، الإمارات) عام 2011 و2012. شارك جعفر العريبي في عدد من الإقامات الفنية في باريس ولندن ونيويورك.

الفنانة عائشة المؤيد تستشرف من بيت النوخذة، المحرّق، مقر لها، ومن اللافت أن

الفنانة، التي حصلت على شهادة ماجستير في الفنون الجميلة من جامعة غولدسميث في لندن مؤخراً، تركت بصمتها المميزة على المشهد الفني البحريني كونها أصغر حائزة على جائزة الدانة، التي تعد أرفع جائزة شرف تمنحها المملكة للفنانين خلال المعرض السنوي للفنون الجميلة. أعمال عائشة تجريبية بطبيعتها وتشمل الرسم والتصوير الفوتوغرافي والأعمال التركيبية. يتمحور عملها حول استكشاف البحرين، مجتمعها وتحوّلاتها من ناحية البناء والبيئة الطبيعية. عرضت الفنانة أعمالها في البحرين وفي المملكة المتحدة.

الفنانة بلقيس فخرو تأخذ من بيت القهوة، المحرّق، مكان لها، وتعد فخرو، التي تلقت علومها في الولايات المتحدة الأميركية، من أهم الرسامين التجريديين في منطقة الخليج. لوحاتها الكبيرة مستوحاة من ذكريات التجارب الخاصة والأماكن. تتناول في أعمالها فنون ما قبل التاريخ وتستخدم القطع كسطوح، وتعود بالذاكرة إلى الأماكن الأولى. لعبت بلقيس فخرو، التي تعتبر من أهم فنانات البحرين، دوراً محورياً في تطوير القطاع الفني في المملكة، إلى جانب كونها كاتبة نشطة وناقدة فنية ومحاضِرة. شاركت الفنانة في العديد من المعارض في الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية.

الفنان خليل الهاشمي تسكن أعماله في بيت الكورار، المحرّق، ويعتبر الهاشمي الذي درس الفنون الجميلة في روسيا، من أشهر نحّاتي البحرين. وهو يميل في الغالب إلى استخدام البرونز والحجر والخشب في أعماله، إلا أن هناك تنوعاً في المواد والمفاهيم التي تحرّك إلهامه. تكمن قوة الفنان في قدرته على تحويل ما هو غير ملموس إلى واقع مادي ملموس، واختصار الأفكار وإرجاعها إلى مكوّناتها وعناصرها الأساسية، والنتيجة أعمال تجريدية صادقة بسيطة. حقّقت مجموعة الطيور التي نفذّها عام 2010 نجاحاً كبيراً وتميّزت بأناقة التركيب وبراعة التنفيذ. عُرضت أعمال خليل الهاشمي على نطاق واسع في الشرق الأوسط وأوروبا، أما في البحرين فقد أقام معارض في كلٍ من متحف البحرين الوطني، وعمارة بن مطر، ودار البارح للفنون.

الفنان إبراهيم بو سعد يطل بنزل للضّيافة، المحرّق، ومن المعروف أن بو سعد درس الفن في العراق، وهو أحد مؤسّسي جمعية البحرين للفنون التشكيلية. بو سعد خطاط ورسام بارع، وهو يجمع هذين العنصرين دائماً في لوحاته ورسومه ومطبوعاته. يستوحي أعماله من محيطه – من الدروب الضيقة والناس والأحياء القديمة والقوارب التي تميّز المحرّق القديمة، مسقط رأسه. يظهر حب الفنان للحياة من خلال ظهور النساء والطيور والآلات الموسيقية بكثافة في كل أعماله. عُرضت أعمال بو سعد في البحرين والقاهرة وبينالي الشارقة، وهو حاصل على جائزة الدانة (البحرين) وجائزة النخلة الذهبية (قطر).

الفنانة حنان آل خليفة تتوسد لعدستها ببيت عبدالله الزايد لتراث البحرين الصحفي، المحرّق، يعود شغف حنان آل خليفة بالتصوير الفوتوغرافي إلى أكثر من ثلاثين سنة. وقد نجحت على مرّ السنوات بجمع أرشيف ثمين من أسفارها الكثيرة. الكاميرا لا تفارقها في كافة أسفارها، لكن مع هذا تبقى عينها على البحرين كموضوع مفضل، فهي مسقط الرأس والمكان الذي نشأت فيه وترعرعت. جمعت حنان خلال هذه السنوات أرشيفاً ضخماً من الصور يعكس روح الجزيرة الحقيقي الغني. تشغل حنان حالياً منصب رئيس نادي التصوير الفوتوغرافي في جمعية البحرين للفنون التشكيلية.

الفنان كميل زخريا سيوثق للصورة في عمارة بن مطر، المحرّق، يذكر أن زخريا مصوّر توثيقي وفنان كولاج، وُلد في لبنان، وأخذته أسفاره البعيدة إلى الولايات المتحدة الأميركية وتركيا واليونان وكندا، وأخيراً إلى البحرين التي يعيش فيها ويعمل منذ أكثر من 20 عاماً. تركز أعماله بالكولاج على الذكريات والتشرد، الهوية والانتماء. كما يمتلك الفنان واحداً من أكبر أرشيفات الصور الفوتوغرافية التوثيقية لتغير المشهد الطبيعي والمدني في البحرين. يشارك كميل زخريا بشكل دوري في المعارض والبيناليات الفوتوغرافية المرموقة حول العالم، وكان واحداً من أصل ثلاثة فنانين مثّلوا البحرين في جناحها الوطني الأول في بينالي فينيسيا للفنون عام 2013.

الفنان عبدالرحيم شريف يرتكز بألوانه في عمارة بوزبون، المحرّق، وتجدر الإشارة إلى أن شريف ظهرت موهبته الفنية في وقت مبكر، فهو درس الفنون الجميلة في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في باريس، ومدرسة بارسونز للفنون والتصميم. وكواحد من أهم فناني البحرين الرواد، يعتبر عبدالرحيم شريف فناناً عملاقاً. يلامس الفنان بأسلوبه الرمزي الذي يكاد يصل إلى التجريد، مواضيع الاغتراب واللامبالاة، وبنفس المهارة يجوب في عالم الألوان الصرفة. أشهر صوره هي تلك التي تمثل الفنان يحمل سيجاراً ويرتدي قبعة. هذا الفنان الذي طالما جذبت أعماله صالة كريستيز يلقى الكثير من المتابعة والإقبال من قبل المقتنين وأصحاب المجموعات الخاصة في الشرق الأوسط. عبدالرحيم شريف هو أحد مؤسّسي جمعية البحرين للفنون التشكيلية، ومحاضِر في مادة الفنون الجميلة في جامعة البحرين، وهو يلعب دوراً محورياً في المشهد الفني البحريني.