بنفس سردي يكتب الشاعر اليمني الشاب، مجد علي محمد حسن، نصا شعريا أقرب الى صياغة بناء حكاية قصيرة، حيث يربط هذا الحضور المجازي لامرأة تأتي من "الهناك" كي تشكل بحضورها الاستثنائي ترياقا لافتا يستعيده الشاعر كلما أظناه الحنين الى الوجد.

أميرةُ الجزيرة

مجد علي محمد محسن

في إحدى ليالي الشتاءْ

تدلت نجمةٌ

تحكي قصة الجزيرةِ

وأميرتها الساهرة

كان القمرُ جالساً

على نخلةٍ

يضيءُ غاباتِ الجزيرةِ

وتلالها

وموج البحرِ

ينشدُ أغنية الرحيلْ

لتدمع الأميرةُ دمعاً

أحر من شوق المفارقْ

وتعود بالذكرى قليلاً

بين أشجار الجزيرةِ

وسفح ذاك التلِ

حيثُ عانقها الحنينْ

ليلمع حينها ضوء بارقْ

أطل في الأفق البعيدْ

لتفرح من جديدْ!

    ***

عادت الأميرةُ

على عربةٍ يجرها خيلانِ

فانتصب الغبارْ

ورمقتْ من خلالهِ

بعينيها خيالي

بعد آلافِ الليالي

واستثارتْ في البكاءْ

    ***

عيناها بكبرِ نهديها

وقوامها رائعٌ كالغزالْ

رشيقةٌ أنيقةٌ

صعبةٌ للمنالْ

كلما غاب عاشقها

بكت كسحابةٍ

تعصر ثديها للرعاةٍ

فيشربون حد الإرتواء

ويحمدون الجَمَالْ

    ***

في صباحٍ آخرٍ

رست على الجزيرةِ إحدى السفنْ

واستثارَ بوقها

 قلوبَ سكان الجزيرةِ

فقد أتى الزائرونْ

خرج الأطفال من منازلهم

وحدق المسنونَ

نحو السفينةِ

كـأنها نيزكٌ أتى نحوهم

ليزرع في النفس القلقْ

فالزوارُ ليسوا سوى صخبٍ

يكتسح الجزيرة

ويذهب مخلفاً فضلاته

بعد الشفقْ

    ***

بقي الغبار منتصباً

مثلي حين ناديتها

ولم تجبْ

فليتها أجابت : كن أنت لي

فأقول:

لكِ كلُ مافيَّ من وهجٍ أشعلتِه أنتِ ذات يوم

لكِ أنا وحدي

وكلي معاً

ولكِ وردةٌ جميلةٌ

قطفتُها من احدى بساتين الغروبْ

ليتها حين لامستُ يديها

أنارتْ بمبسمها فؤادي

بعد أن طال ابتعادي

واستمرت في البهاءْ

    ***

وبعد ان هبط الغبارْ

صدحَ ذلك البلبلُ

الذي تلقفتهُ اقحوانةٌ

على ضفة نهرنا الاخرى

فقبلها

وغابْ..