يستبطن الشاعر الفلسطيني حياة الشاعر السوري الراحل محمد الماغوط ويحيل تناصيا إلى كثير من أعماله في قصيدة ترثي الماغوط وتقترب بمنهجه الشعري من كثير من قضايانا الشائكة.

مهاتفة لن تصل إلى بدوي أحمر

توفيق الحاج

.

(1)
كم أنت طيب أيها البدوي..!!
غادرتنا..
دون  أن تأخذ حزنك.

(2)
هكذا بدأت..
هكذا انتهيت..
عاريا من كل شيء إلا انذهالنا
الطريف..
انك حاولت أن تخيط للعلم أكماما وترتديه
دون جدوى..
فالوطن كان مشدودا الى وراء
وأنت لم تكن إلا فضاء
يرتدي عري الفضاء..!!

(3)
كبئر يوسف..
في غرفة بالكاد تتسع لنصف آدمي
وجدتنا..
أعطيتنا من الوجوم ما يكفي لأمة منهارة..
وهبتنا مقاعدا للدرس..
نثرا لا يقاس عليه
يا محمد..
كنت في المزة أبعد
كنت في المزة أقرب
ونحن ننعس في المقاهي
ونقهقه عندما تبكي
يا الهي.. كم هو العصفور..
في سمته المستقيم
أحدب..!!

(4)
ـ سيدي تكلم..
لم..
رغم المذاقات الشهية للعسل..
ونكات مهرجي الوالي
دائما..
يثقل القلب النحيب..
يملأ الافواه..
علقم..؟!!
*
ـ الله..
وحزننا..
في كل مكان
أيما وليت وجهك..
وكلما أفرغت صدرك..
من رتوش البهلوان
*
ـ سيدي..
"طالما" لا تدخل على الأسماء..!!
ـ ستدخل طالما يدخل المعتقلات شاعر
*
ـ سيدي
إنهم يقمعوننا..!!
ـ لا بأس..
تخير..
إما أن تكون مثقفا
أو أن تكون..
لعنة..!!
*
أعرف انك لا تحب..
الياقة..
الضجيج..
ليل الشام..
ولا تخاف الموت
وأعرف أيضا أنك مت مشتهيا
لحظة مضت..
بلا دموع..
بلا جوع..
وبلا عواء
*
ـ هل انتميت للحزب..؟
ـ لا..
بل انتميت للمدفأة..!!
*
شكرا لهذا الخوف..
لولاه ما عرفت
طمأنينة الكتابة
*
ليس بيني وبين  الأرض من صلة سوى
الحذاء..!! 
*
ـ سيدي ..
كيف تشرب كل هذا الكحول..؟!!
ـ وكيف..
بدونه في واحة الجند أعيش..؟!!

(5)
تعرفت عليها شمسا في شارع الحمرا
أحببتها..
آذيتها..
ودعتها بقبلة على القدمين
لم تدر ذاتك بعدها
كيف..؟!!
متى..؟!!
أو
إلى أين..؟!!

(6)
لم تزر قبرها الا مرة واحدة..!!
سألوك..
قلت: هل
       تموت.. أغنية مبتلة بندى حواري الشام..
       يا......
       أحسك بين أنفاسي
       أسمع خطوك قرب المدفأة
       أشمك في زهرتين دمشقيتين..!!
      لربما تطلين علينا من الباب الكبير.. فجأة
بلا حقائب
كما عودتنا..
حين ترجعين من سفر الى بيروت
أو حين تقطعين  بلا سبب..
إجازة
سادتي..
كفى..
تبكيني جملة..
لحن قديم..
ولكن لا تحركني..
عشرون جنازة..!!

(7)          
أيها البدوي
خنتنا..
ظللت تسخر منا
تبعثر بين أعيينا الحضور
تضحكنا حتى النواح
الى أن استعارك..
على غفلة منا
سياف الزهور..!!

(8)
ترقد القبعة..
الكأس يبحث عنك فلا يجدك
سورة يوسف لم تبارح أذنيك بعد
سجائرك..
ستعاني اليتم أكثر من "شام" و"سلافة"
كل شيء دونما ترتيب
باق في المكان
الا أنت..

(9)
أيها البدوي..
...............!!
...............!!
سأظل بانتظار أن يرن جرس التليفون
واسمع صوتك
فقط سأسألك..
هل وجدت مدينة أفضل..
من دمشق..؟!!  


شاعر من فلسطين