وشم الجنوب رواية أحمد الفطناسي

صدر للكاتب والمسرحي أحمد الفطناسي رواية وشم الجنوب عن مطبعة نورآسفي في طبعة أولى هذه السنة. تقع الرواية في 124 صفحة، وتحتوي على خمسة فصول: {1ـ التيه، 2ـ ملح الجنوب، 3ـ الخطيئة، 4ـ محفل الرؤيا، 5ـ أسفار الرؤيا}. وهي الرواية الثانية للكاتب بعد الخطايا التي صدرت سنة 2006، والإصدار الثالث بعد محكيات ملح دادا الصادرة سنة 2003.
رواية وشم الجنوب نص يتخذ التاريخ ذريعة، كي يبني نصا روائيا يحفر عميقا في بدايات تشكل الذات الأمازيغية. وهو نص حفري بامتياز. الرواية تبدأ بصراع السارد مع عصيان نصه المتمنع عن الولادة. يبدأ في البحث وسط أزقة المدينة وداخل الأمكنة، بين الناس، الى أن يصل الى أبواب المدينة التاريخية. هناك يجد أم الخير التي تحمل له عتبات بداية نصه عن أدرار وسفره المقدس لبناء المدينة، ومعه ينشطر النص ليبدأ نص ثاني يتحول هو أيضا لنواة لانبلاج محكيات ونصوص موازية أخرى عن الأم كايا عن أيور، وآمان وشخوص تستل من الحكاية الأم سبيلها للوجود. لتتحول وشم الجنوب الى نص روائي يبتعد عن الوثيقة ليبني معالمه الحكائية من داخل الذات الأمازيغية المنسية وسط بياضات التاريخ.
في وشم الجنوب وفاء لمنطق الحكاية، ولسلطتها. لكن في نفس الوقت يتخذ البناء الحكائي حسا تجريبيا ما يلبث أن يسلك إيقاعا مختلفا كلما استدعى الأمر، إذ يخلق رواة وشم الجنوب تفاصيل أخرى لمحكياتهم التي لا تبدأ فقط لتنتهي، بل تبدأ لتظل مفتوحة على أفق البياض. يعود الراوي في أسفار الرؤيا الى جدال يقوده الكاتب والراوي وشخوص الرواية الأساس، وفيه يكشف نص وشم الجنوب عن وعي بسؤال الكتابة الروائية. وكعادة النصوص الروائية المغربية التي تنحو هذا المنحى، تستدعي رواية وشم الجنوب القارئ كي ينصهر في ثنايا الحكي. وتلك عادة الكاتب أحمد الفطناسي جربها بشكل آخر في روايته الخطايا، لكنه في روايته الجديد وشم الجنوب يستزيد الأمر بمتعة الحكاية التي يبدو أن الرواية المغربية الحديثة بدأت تتصالح معها.