بالتأكيد على الدور الريادي للشعر وعلى صوت الشاعر ووظيفة الالتزام اتجاه القضايا التي تربط الإنسان بجميع القيم، يكتب الشاعر المغربي المغترب نصا عن موضوعات الشعر وعن دوره أمس واليوم في وقت بدأت الكلمة الشعرية تفقد الكثير من بريقها..

عندما كان الشعر

بن يونس ماجن

عندما كان الشعر يطرق بابي بلا استئذان..

وفي حقيبته اليدوية ما يكفيني من السردين النتن

وبضعة سطور غير متوازية الأركان ح

ينها كنت أخربش التراتيل الصامتة

في دفاتري المدرسية المهترئة

وأعلقها على جدران كوخي الحقير..

 

عندما كان الشعر

يضاجع النجوم الناعسة

في حضن الليالي الرهيبة

كنت أنا ذلك الفتى الولهان

بقصائد الصعاليك

أجوب دروب المتاهات

وامتطي صهيل المسافات

 

على حد تعبير الشعر

وفي بيان له غير مسبوق

القاه على قارعة الطريق

هل يكفي السير على قدم واحدة

والركض خلف خيوط الشمس الغجرية

لم أنم قط في سرير الشعر

فمخاضه غير مأمون النهايات

وقصائدي فشلت في اجهاض الجنين

من جراء نزيف الولادة القيصرية

 

عندما زارني الشعر

في احدى الأمسيات

رفض مصافحة يدي

والابتسامة تعلو محياه

ثم تمتم هامسا في اذني:

انت لست شاعرا يا بني

بل كاتب كلمات نثرية

ثم كسر قلمي

وناولني عصا سحرية

و في رمشة عين اختفى

فكانت الضربة القاضية

انا الان في سن اليأس

وضعت في مسدسي رصاصتين

فانتحرت بواحدة فقط

 

عندما كان الشعر نبيا

كنت اتبعه مع ثلة الغاويين

غير أنني شاعر هاو

ابني قصوري من الرمل

وأطير كالطائرة الورقية

لاصطاد فراشات بنفسجية

عندما فقأ الشعر عيني

كنت قد كتبت وصيتي وعلقتها

على جذع شجرة وهمية

ثم انسحبت من مدارات التيه

وفي جعبتي ضفائر ذهبية

صرت كالضرير

أتسلق ضوء الفنارات

وأمخر عباب

بحور الشعر العصية

وجدت في المغارات

المظلمة

ملاذا آمنا لنزواتي

وفي سراديب الهول

شطحات سرمدية

أنا أ بكي الآن

أطلالا متلاشية

ما أكثر القصائد الملتهبة

عن انهيارات

وانكسارات

وحروب

الأنظمة الاستبدادية

 

لندن