تصور الكاتبة العراقية في نصها القصيرة لحظة شروع بالقتل وسط بغداد في خضم حمى الاقتتال الطائفي عقب الاحتلال الأمريكي مركزة على مشاعر الانتقام وتناقض العالم الداخلي للقاتل بين الرحمة والثأر.

المليشياوي الطيب

لقاء موسى الساعدي

على جسر محمد القاسم ازدحمت بضع سيارات بسبب حادث اصطدام عرقل انسيابية الشارع، حاولت إشغال نفسي بإشعال سيجارة ريثما اعبر الحاجز الذي سببه الاصطدام، بينما أنا اسحب أول نفس وقعت عيني على وجه اعرفه كما اعرف نفسي، أبو سفيان بشاربيه الكثيفين وقد انحسر شقارها وعلاها الشيب ولم يبق سوى اثر خفيف لهذه الشقرة، كذلك غزا اللون الرمادي شعره الكثيف، انه ضابط مخابرات لطالما عذب أصدقائي المجاهدين وتسبب بإعدام العشرات منهم، كنت قد تتبعت أثره فورا بعد أن تسلمنا فتوى من الإمام القائد بالسماح بتصفية أعوان النظام البعثي الفاجر فلم أجد له أثرا في بغداد كلها، حتى كدت أنساه أو أنسى تتبعه لاسيما وان الأحداث سارت بإيقاع سريع جعل الأمور تتوسع أكثر مما كنت أتوقع، وانشغلنا بعمليات ضد الاحتلال الأمريكي وتواجده العسكري في بغداد, وهاهو الآن أمامي. سحبت مسدسي الكاتم, وبدأت النار تعصف براسي، فزدت سرعة سيارتي حتى تكون بجانب سيارة أبي سفيان، لكن يبدو انه انتبه لحركتي فهو رجل مخابرات محترف، فزاد من سرعة سيارته، وبدأ يراوغني، لكن سيارته الدايو الكورية لم تسعفه امام سيارتي البيك اب تويوتا، اقتربت سيارتي من شباك سيارته وصار رأسه في مرمى مسدسي الكاتم لكن لحظة فارقة منعتني من أن أطلق رصاصة الثأر لدم أخواني وأصدقائي المجاهدين، أنها الطفلة التي كانت تجلس خلف والدها ما أن وقعت عيني عليها حتى ارتدت يدي وجفل كل بدني فلم استطع ان أردي أبا برصاصتي أمام عيني طفلته التي تبدو في العاشرة من عمرها

خففت سرعة سيارتي لتصير خلف سيارته مباشرة واتصلت بأحد الأخوة المجاهدين ممن يعملون معنا ومهمتهم تمشيط منطقة شارع فلسطين وزيونة وصولا لصدر القناة، وأعطيته مواصفات السيارة ورقمها ليعممها على الأخوة الآخرين ويستقبلون سيارة أبي سفيان، بعد أن انحدرت عند الفتحة التي تؤدي إلى ملعب الشعب من جسر محمد القاسم، بينما أكملت دربي إلى صدر القناة

التقط المجاهدون السيارة الدايو وتابعوها حتى وصلت إلى لبيت خلف جامع قزازة في شارع الربيعي ونزل هو والطفلة ليحتويهم بيتهم. حينها اتصل بي صديقي ليسألني ماذا افعل بعد هذا، فامرته باقتحام البيت وسحب أبي سفيان حيا من بيته. وإحضاره إلى حيث اعتدنا تنفيذ المهام المماثلة

نمت ليلتها سعيدا وصليت صلاة الشكر طويلا فقد رقد اليوم أخوتي المجاهدون بسلام فثأرهم لم يضيعه الله

 

لبنان 2017