يصور القاص العراقي في قصته القلق الذي يعيشه العراقي وطبيعة الحياة الهشة فلا أمان ولا قانون ولا دولة، من خلال رسم معاناة معلم مثقف يتماس مع الثقافة العالمية في الغناء والفلسفة والكتب، لكن في الواقع يجد نفسه وهو مربي الأجيال ولا شيء إذ يجبر على أنجاح طلبة رسبوا خوفاً من القتل، ويظل يحلم بالموقوف وقول لا دون جدوى.

تخطيطات بالفحم على شراشف القلق

يـس الضاحي

 

الى ذكرى( محمود عبد الوهاب).

 

استقبل هذا المساء كضيف ثقيل ، اتمنى لو يغادر الان ، ممكن جدا افتعال حوار لفظي محتد والتصرف بنذالة لجعل ضيف بشري يغادر ، لا يمكن هذا مع ليل بليد اصلا ، سألغي وجودة بافتعال اهتمامات اخرى تصرف الوقت الى (منهولات) العدمية ، حسنا فلنبدأ بقهوة تركية و خنق كتاب بين كفين واستنطاقه مابداخلة ، هل جربت القراءة سابقا بملفات ال pdf المقرصنة ؟كاتب تطلع شقوق بفلقة طي..زة حتى يكمل صفحة واحدة من كتاب ليأتي ناسخ رقمي فيجعله (سبيل) على مواقع التحميل في الانترنت ، قد يطلب منك مقابل ،تعليق سخيف او ملصق، استسهال اخر في حياة مركبة ومعقدة، لذا اقسمت بكوكل رب الارباب الرقمي العظيم و المقارب لبعل و آشور ومردوخ وامون ويهوه على ان لا اقرأ مقرصنات ، جميل هذا التوصيف يحيلني الى مقرنصات شوارع البصرة التي كلفت ملايين الدولارات ثم تآكلت كحلوى شكر لمى (حلوى من السكر) باول زخة مطر، هدر مادي آخر يشبه مجاري اعمارنا في (منهولة) كبرى اسمها العراق.

بعد مراسيم القهوة التي انتهت باردة الى منتصف الكوب ، ساستمتع يوتوبيا بمقطع فيديو ما ، هكذا قررت دون ان احدد ، دع فوضى الفيديوهات المقترحة المتقنة جدا تختار، يقال ان مايقترح لكل مستخدم يخضع لقراءات سيكولوجية للمشاهد ، بعدها يتم إرغامه بنعومة على ان يشاهد المحتوى، أرفض الإكراه ولو بنعومة ، قد يخضع ذلك لمصفوفات حسابية غير ظاهرة تتحسس رغباتنا قبل ان نرغب اصلا، او قد يقاس على كثرة المشاهدات، لا ادري ، على ما اذكر قرأت مرة انك لتشاهد كل محتوى اليوتيوب فانك تحتاج 120 سنة على افتراض عدم اضافة مقاطع جديدة خلال هذه الفترة الخيالية، اي هارد او ذاكرة خبأتْ كل هذا ؟ لو ظهر اليوتيوب قديما لعبد في الشرق، استمع لكلاسيكيات (ويتني هيوستن) ، هي المفضلة لدي ، في يوم موتها لم اذهب للعمل احتراما لصوتها الذي يتطاير منة دخان المراكب فجرا وهي تصل باسلافها كعبيد (للعالم الجديد)، اشعر بصوتهااللافح وهي تستهلك روحها كل مرة تتصاعد فيها على المسرح ، تلتقي وتني هيوستن مع المغنية البصراوية (ربيعة)المشتعلة سمرة و بحة، لايهم التوزيع الجغرافي او الوطني، (بيفرلي هليز) او (الحيانية) ، كالفورنيا او البصرة حصل هذا الانزياح عشوائيا بفوارق زمنية ومكانية ، كلاهما روح أفريقية حرة في غير ترابها.

(ربيعة) البصراوية رحلت دراماتيكا ايضا، موت غير مبرر لكليهما اذا كان هناك من يبرر الموت ببيان وفاة رسمي ، اعتقد سيكون منطقيا ان يكتب سبب الوفاة هو الحياة نفسها، احيانا تغادر الروح الجامحة مبكرا إذا لم يسعها الجسد ، لما تسيطر عليّ ثيمة الموت هذه الليلة!

يهاتفني استاذ محمود، تتوقف ويتني عن أداء ( I have no thing) قليلا بانتظار العودة الى اليوتيوب بعد المكالمة.

:....... .

: نعم اعرف سأحاول النوم ، متوتر قليلا ، انت تعرف.

:........ .

: ليس هكذا ، انا سادبر الأمر اطمئن ، لن يحصل أسوأ مما نحن فية الآن، خليها على الله.

:......

: ؟

:.......

: انا تعبت وبكره سأنهي الموضوع ، تصبح على خير، انهي حديثي مع مشرفي التربوي وصديقي محمود عبد الوهاب , اعود لنفسي فعلا (I have no thing) ،اوانا لاشىء، عندما تهدد امام طلابك اما ينجح فلان أحد تلاميذك او ..، من يرغمك على هذا هو أيضا قادر على ان ينكحك في ساحة المدرسة أمام طلابك وقت تحية العلم ، نفس المبدأ ، عندما تنحني مرة ستركب كل مرة ، أي تزويق اخر هي تبريرات للتنازل بدافع الخوف الذي نعيد تدوير تسميتة، توخي الحذر ،السلامة ،وهكذا .

قول لا فقط لا حرفين لام ، الف ، سيكون باهض الثمن ،اعلم ذلك ،خسارة ومكسب ، فقدان وامتلاك، موت وحياة في ثانية واحدة.

لما لا ابدد الوقت بالرسم مثلا، بقلم الفحم على شراشفي، خربشات قلقة ،ابدعت ليلتها سكتشات مذهلة ، صورت نفسي اسير على فوهة مسدس مزود بكاتم وكان حولي قردة تتقافز ويصفع أحدها الآخر في الاعلى مشهد رهيب لراس ينصهر مخلفا دخان كلما ارتفع يستحيل لاشكال افاعي تلتهم أصابع مقطوعة تنزف للأعلى متحدية الجاذبية انتهيت من ذلك ولدي احساس المحكوم بالاعدام ، تسائلت لما نخشى كلمة اعدام وكأنها أقسى ما يمكن ان يحدث لأحدنا، كل من يغادر رحم امة الى باحة سجن الحياة معد بالضرورة للإعدام، بعد ثانية أو بعد قرن من الزمن ، الإعدام الحقيقي هو الترقب ، سنموت حتما يوما ما ، ربما بعطسة او حتى خلال إغفاءة ، لن اموت بالتجزئة ، الحياة صراع إرادات وتحكم عن بعد بمؤثرات الخوف او الترغيب ، لن اسمح لشجر القلق ان ينمو اكثر ، الان وقد قررت ما سافعل غدا سانام بضمير طفل غير ملوث، لن اكون (الدجاجة) في لعبة الموت هذه.

…………….

يتطوع شاب معضل لكسر الباب ، يتجمهر الجيران وقد كمموا انوفهم باكفهم ، فوضى و شرطة ، اهم بالنهوض ، اكلمهم ، شنو الموضوع ؟ياناس؟ يعبثون بالاثاث ، أحدهم رأيتهُ يحمل حقيبتي ويفرغ ما بها على الارض ، ضجيج واصوات تتكاثر، اصرخ بهم اخرجوا جميعا، من سمح لكم ،، كلكم اطلعوا برا ،، لا احد ينتبه لي، هل فقدوا السمع ؟ معقوله كلهم مرة واحدة، الأيادي تعبث بكل ركن ، بيتي ياناس ، الشرطة موجودة ولاتمنع احد، لو اقدر اقوم، جسدي خدران، منمل وخفيف كأني نفاخة تعوم بين أكف صبية صغار، استسلم لنوم مريح ، وعيني على دفتر درجات الطلاب الذي قرب وسادتي.