في نص شعري مكثف يخاطب القاص المصري بلسان أينشتاين الكون وهو يوغل في مجاهل الاكتشاف والأكوان التي وحدها انفتحت له وأرته جمالها وبهاء تكوينها، خطاب يقطر حباً صوفيا لهذا الكون الغامض.

فضاء أينشتاين أمام قصرى

إبراهيم أمين مؤمن

 

سِرنا على الدرب أُضئ لكَ نورًا ملائكيّاً ينمو بين عينيك شموسًا تتلألأ، فأسدلت شيطان أجفانك، فسيقتْ إلىّ شياطين الظلام .

ولقد عبّدتُ لك دربك ، تنمو بين خطواتك أزاهير عطرة ، تربتها حصباء من اللؤلؤ ، تُروى من أنهار عذب سلسبيل .

كلما مشيتُ.. طرق أذنيْك خرير ماء عندليبي ، فأدميتْ قدمي بالأشواك ، ولم أسمع منك إلا موسيقىً شاحبةً متهدلةً ، ثُمّ طرق آذاني صواعق البرق الخاطفة الأبصار.

وآخر الدرب بنيت لك قصراً يطوف حوله حمام الحمى، لبِنات من حبى، إنه مُلْك مقدس ، قدسه الإله ، فانهدم فوق رأسي ب.. ب.. بالرحيل.

قلتُ أتلو عليكَ تراتيل الوفاء بلهفة وتوسل، وتلوتُ، وما زال رماد صوتي المحترق يعلو بألحان تحثك على الوفاء، وشكر الفضل والعطاء، فوليتَ .

جئتك تلقاء وجهك ألا ترحل، سأحترق ، سأتمزق ، سأنهدم ... فوليتَ مُتكأ على عصا الرحيل ، تكبو وتنهزم.

أتختم أكتافنا بوشم الهجر واليباب!

ولِمَ الرحيل وفيه اتكاء وانهزام؟

ولِمَ الرحيل وفيه إظلام دربي وهَوَاء صرحي؟

أتريد ان نُحدّق معاً في وجه الفناء!

وننظر في أناملنا التي تلمستْ عمياء فى بصمة من الجحيم!

أتظن أن هناك ماء أعذب من مائي!

ودرب أخصب من دربي!

ونور أسطع من نورى!

وصرح أشيد من صرحي!

تالله لن تجد غدًا إلا ان تقضم مخالبكَ، وتأكل صغارك، وتكون وثبتك وثبة العجائز. وتعيش في لُجج من ظلمات بعضها فوق بعض.

مضى .. وأذن الفجر

انتظرت مكاني فقد يعود، حتى نسج الليل خيوط النور التي ظهرتْ ملامحه في القِباب ورابية قصرى العالية.

لحظات من الأمل تغذيها غريزة البقاء، رغم فراغ قلبي المتقلب على جمر نضيج يهوى من الجحيم.

ثوانٍ تمر من الفضاء السحيق السحيق كأني أصّعّد في السماء، ولقد هرمتُ وأنا في مكاني.

وما زالتْ عيني تترقب عودته.

نظرتُ إلى القمر قبل الأُفول، لمْ يعد يطلّ على جدران قصري.

وإلى الشمس التي حجبتْ نورها عنه.

وذبلتْ الأزهار بين خرير الماء المتعفن وهجر الشمس.

وسقط حمام الحمى متكسر الأجنحة.

وتحول كل شيء إلى أطلال بعد الغدر ونبذ الوفاء.