يسمو الشعر باللغة ومن خلالها يبحث الشاعر في خضم حالة التشظي والتي يبحث من خلالها الشعر عن عوالمه الخاصة ويبحث الشاعر عن فتح كوة على استعارتها لانفلات مؤقت من ديمومة هذا الوجع الذي أمسى يكتب سيرته على الزمن وعلى المستقبل، يأتي الشاعر من هذه الرحابة المطلقة منذ تشكيل أوّل ومخلب الفراشة انتهاء بالببغاء مهرج الغابة كي يبحث عن الحاجة للكشف عن طاقة الشعر الخالقة.

كُـثــرٌ عشّاقك...

باسم سليمان

 

أذكر نظرتكِ الحادّة

تفصدُ ظهر الهواء

يَحرق ملحُ الدّم عيني.

أبكي كمن يقطّع البصلَ إلى شرائح زمكانية على دفّةِ سفينةٍ مصابةٍ بالتّصلب اللُّويحي، قرصانها باض القطرسُ بقبعته السّوداء، رجلُه مقطوعة كإيهاب، وضع زجاجة خمرٍ ملأى في خيال السّاق، لذلك يعرج سكراً، رمى صنّارتَهُ وضع قلبَه طعماً بشصّها ، قلبُه الذي نسيَه عند غجرِ البّحرِ، ليصطادَ موبي ديك .

***

 

أذكر سريري كحدّ سيف السّاموراي

وكنتِ حجر الشّحذ، تسِيلين ماء الشّهوة

 وأنا نواسٌ أسكب في قدحِ فخذيكِ

 سلافَ الوقتِ المذبوحِ على نطع الآه.

 لستِ من الجميلات النائمات اللواتي اشتهاهن مركيز.... لستِ ريميدوس التي تتسلى بقتل العقارب في حمَّامها القرميدي ويتساقط العشّاق خارجه من ثقل رصاص الحبّ كالجنرال بيونيدا، فحارَ ماركيز كيفَ يتخلّص منها ..... و سرد بأنّها ارتفعت للسّماء في ثوبها المنسوج من الخيش ، واختفت كما يفرغ الحبر من دواته، فلا تبقى إلّا ريشةً سقطتْ من طائر الرّخ على طاولة الكتابة.

أنا ياسوناري كواباتا أجأر: إنّ الحبّ هيراكاري، فأقاطع استقامة السّيف مع قوس أحشائي وأسجد.

***

 

أذكر الشّارعَ الطويلَ كلسان آكل النّمل إلي بيتكِ

كنتُ أتنكر كصرار

أدّعي أنّ الصّيف دائمٌ وأنتِ نملةٌ مجتهدةٌ

تخبزين أقنعة القمحِ

تضعينها على وجهكِ كي لا تجوع المرايا.

***

 

أذكر كالرؤى

 أنّكِ أغلقتِ الباب خلفكِ

 فأطبَقَ على إطاره

كطفل يعضّ ألمَ طلوع فجر أسنانِه

كأنّ اللوحة انطباعية

 تهوي عليها الفرشاة من مهوى قرطٍ سقط  حلْقُه لمّا همستُ في مئذنة السّمع :

 تصغي زهور عبّاد الشّمسِ، تصغي جيداً، كأذن فان كوخ المقطوعة إكراماً للحبّ.

***

 

أذكر أصابع قدميك تبصبص ككلب صيدٍ

 في حذائك

 الكعب العالي

 تشمّ رائحةَ خطواتي الآتية مع الرِّيح

 فيقرّ الدّرج كسرْب من الحجل.

 أسمع قرع كعب حذائك، كأجراسِ الخرافِ في المراعي البعيدةِ ... آه، لأَغرق في برميل نبيذٍ فهذا الحزنُ حامض.

***

 

إنه إله ليرسم كلّ هذا البياض ، أتلو الكلام أمام لوحة لمونيه. يخبرني الحارسُ أنّ أبوابَ المتحفِ ستغلق، أجيبه:  لا أعرف أين أذهب ، لقد استيقظتُ هنا.    

يقودني الحارس الضّجرُ من يدي كأعمى إلى الخارجِ، فأذكر أنّكِ منهمكةً بخلق جهازٍ لتعقّب مَن قلوبُهم قد أصابها الزهايمر.

 

روائي وشاعر مقيم  في سوريا