ماذا؟
ما الذي يعيدك
إلى قفزات طرق الجبال الوعرة؟
كأنها زجاجة انكسرت
مرت كفكرة عابرة
بعد حلم اليقظة
مهما فعلت
فلن تستعيد تلك اللحظات
ستكون اليوم ابتسامة
في لحظات الغد المحطمة
اضحك مع المآسي العارية
كل ما لديهم
هو قلب ودود
وأياد قصيرة مليئة بالعطاء
لكن الآن
كل ما تغطي المساحات هي أقنعة كاذبة،
الكلمات المنتفخة،
وألسنة رطبة
لا تستطيع أي شباك اصطيادها
ما الذي يعيدك إلى الينابع الصافية
تحت خيم النقاء؟
اليوم أصبحت خرابا
وتم بناء السجون الصماء عليها
تحدث مع نفسك بعيدًا عن كل الحشود
وقد وضعت يدك
في يد ظلال الأيام البيضاء
دون الاكتراث بالموت
تنظر بعيدا
الی غبار أقدام جياد القدر
إلى أين ذاهب؟
لا تعلم من تصيبه سهام الخلود؟
من سيعطى رسائل القاصد؟
في كل دائرة الوجود يسمع صوت
ويرى قانونا للكلام
وتكتب على السبورة السوداء للمدارس
التي لا نوافذ لها
ثم تتلاشى
وتكتب بخط مرتجف مكانه:
الدرس الأخير ..
الراحة...
فالرجوع إلى بيت أنطولوجيا الخاوي
أحيانا تقع منطقة خارج نظريات الرياضيات
ستكون النتيجة شاذا
ولا تحيط بها القواعد
ثم الانتحار الجماعي على طريقة (جونزتاون)
تغطي زاوية الرٶيا في الآفاق..
أين تريد أن تنظر لترى؟
معرفة الوقت
ومجيء تضاريس التغيير؟
الكلمة الماردة كضوء المرآة
تصطدم بحائط شارع مليء بالشعارات
لا يُعرف مصدر الاشعاع،
تصدر من أين؟
علامة لمجيء الموسم الخامس
أم التحام لاجزاء مبعثرة؟
لم يكن سهلا كبح جماحها
لا يمكن شراؤها بحفنة من الاتربة اللامعة
أكسر شيئا من جليد تلك الصخرة،
قاسية القلب..
لتری قارة طليقة ليست بعيدة،
مثل الفجر علی بعد خطوات
ارمي حبلا في بئر النسيان
كم ابتسامة حزينة تنتظر بداخله
شفق السعادة؟
انظر إلى مكان كسر رأس القمة
في أي قطعة قماش حمراء
تم دفن الرسالة غير الموصولة؟
يا له من يوم نحس زقاق الشعر،
كما يقولون!
يمر الواعظ ومعه طبل الوعي
يبحث عن ساق قلم مبتور
يد ذات إصبعين لكلمة
رقبة منكسرة لنداء جهور
على حافة غروب هذا العصر الجريح
من يمسح الادران على وجه الدموع؟
ماذا لو لم يسأل أرسطو كل هذه الأسئلة؟
ولم تنكسر كل هذه الزجاجة في رأس سقراط؟
اجلس لحظة
في محطة التناغم
سترى آثار الخطوات
علی خط الفكر الهيولي
ستأخذك الى طريق الوادي
والمنحدرات الوعرة
هذه المرة اتخذ مسارًا آخر من هناك
أنظر إلى دفتر قافلة الشروق متى ستصل؟
هنالك أحذية ممزقة متناثرة
تنتظر الاقدام
أمدا بعيدا
***
هذيان
عنكبوت ذو أربع أرجل
يمسح بسبابته اليسری ربطة عنقه
ويضبط قبعته،
استنشق دخان سيجارته مرة
ثم رماها
أياد تتدافع بعضها بعضا
وأنت صغير بحجم العنكبوت
في وسط كل هذه الخيوط
مقيد الاطراف
بدون حركة،
لم يبق لك الا عين واحدة
لرؤية المآسي
كل يوم قطعة منك تختفي
مثل ثلوج الربيع المبكر
تذوب وتصهر.
قلبك أجوف
قام الجار بوضع أنبوب في الحائط
لسحب الدم منه
على نفس إيقاع الالتهامات
على شاكلة جريان الأنابيب..
من الأفضل أن نقول
صدرك ليس فيه قلب
فالذين يتمارون هناك
يعيشون بلا رأس
وهذه هي حالة الحياة
في جمهورية المستقبل
*
الحمير على الرصيف
مثل الفيل المنتفخ
يتضخم أكثر فأكثر
تشبه شعار الديمقراطيين هناك
ثم يصبح رمزا للمدينة
إنه لا يتحرك ويستمر بالنهاق
الجميع صامتون
يبدو أنهم رميت عليهم أتربة الموت
هذا ما يحدث في عاصمة المستقبل
أحياء دون رؤوس
فكيف يسمعون ويضجرون؟
ولقد اعتادوا على هذا الصوت
بل يتباهون لسماع ذلك
وقد يسمع في أوقات الوجبات
قبل شروق الشمس،
قبل الظهر
وقبل الغروب
باستثناء النواهق
لا تسمع صدی أخرى
وقد صاڕت شعارا،
تذاع بداية ونهاية البرامج،
والذين هم في الصف الخلفي
هم الكورس
أحيانا يصفقون...
أما أنت أصبحت أصغر
من حجم العنكبوت
خفي، لا تری بعين مجردة
مفزوع عند أقدام العنكبوت-
بقدر وحش حثي،
وأنت تتدحرج بين الحروف
تتعثر علی رمال الجمل
ماذا بقي لديك من الكلمات
والتجارب والآمال؟
علی مد البصر
وأسطح المساحات
لا تسمع صدی
لا تتواجد حركة
غير النهاق
يبدو الأمر كما لو أنهم رميت عليهم أتربة الموت
مخلوقات
في
الجمهورية
المستقبلية
*
علی الضفة الأخرى
تنظر بلهفة لتری
كيف تؤخذ الحياة إلى المقبرة وتدفن
يداها مشدودتان بارزتان
من الكفن كالأشواك من القهر
بدايتها كنهايتها حسرة
تلك هي قصة الحياة..
ربما لا تلحق
سيغادر القطار بعد دقيقة واحدة
لكن الجابي يغلق الباب مبكرا
وأنت تركض وراءه
يغادر ويختفي
هناك صفحة متبقية في الرواية
لكن الكتاب يسقط من يدك.
يقول الطبيب:
لا تفكر كثيرا
إذا كنت تعرف ما يحدث غدا
ستصدم
*
العنكبوت أضخم من الرجل
أجنحة كثر
وأنت أصغر من العنكبوت
يصبح الحمير أكثر إحكاما
لن يزعج أحد بنهيقه
قبل أن تقرأ الصفحة الأخيرة
الرواية تسقط من يديك
******
الذبيحة المقدسة
ماذا تفعل يا رأس الحسين المقطوع؟
مع العهود المناقضة؟
وأنت محمول بيد عاصفة موسم بليد
كنت إيقاعًا لنشيد أصيل
تلفظك نسمات السفوح
لكنك اليوم أصبحت رثاء
علی قبر منفی مجهول
يداك في فم ضباع أليفة
أعرفها من خلال ساعتك
التي كانت تقرأ الزمن الحقيقي للوجود
إلى أين يأخذونك؟
ماذا يکتبون بها؟
وقد اعتادوا علی كتابة:
كلمة حسد السوداء في الأيام البيضاء..
عندما سرقت صاعقة الغدر
حبوب القماري من يديك
ثم تناثرت في سهول الوجود الرمادي
لم يعلموا أنك ستصبح قمحًا
خالدا مخضرا
أو کشجرة العروسين
التي نبتت علی مزار (عتبة وريا)
أو کشفرة قصيدة غير مفكوكة
بقيت وحيدا ..
وبواشق سهول سهرورد
ما زالت تبحث عن جثة (نالي)
.
يا أيتها الذبيحة المقدسة!
على أي منصة في سوق السماسرة
يهدر دمك عند أقدام الأصنام؟
ستحيا وتذبح من جديد..
تكتب علی جدران مشققة
ببقايا فحم مدفأة ديوان الأصمعي المهجور
بصحبة (الشابي)،
في لحظات علو قلبية:
أرحل ودون الاكتراث بسهام الغدر..
لا ترفع رأسك بعد
"كي لا تتموج بركة الانتظار الحمراء أكثر"
فليبق بريق عيون (أنا الحق)
المخمورة تنير الدرب
لا تدع غبار هذا الكســــــوف تعميها
ما هذه الصحاري المنافي الدامسة؟
تشتعل شمعة روحك فيها مغتربا
تحترق بــبـــطء
وتــــــذوب
رويدا
***
الانسان
ظل وكلام وقلب
١
- قلب –
هذه المرة
لو أعطيت قلبا
أحسن حفظه
لا ترميه كالقمامة
والا ....
كيف يعيش المرء بلا قلب؟
**
٢
- كلام -
في زمن غربة الشعر
لا أتكلم
حين يتحدث الآخرون
كي لا أنس فنون الانصات
وقد ملئت فضاء الخلق
ثرثرة
**
٣
- ظل –
تمشي
وخلفك ظلال..
ظل يراقب ،
ظل يلتقط ،
وظل يجري
وروحك غارقة في بحر الأحلام
***
سماء سوداء
هنالك سماء سوداء
تحت السماء الزرقاء
تمطر حجارة
لم تجرحني
لكن صدی ألمها في روحي
وأنت جالس بجنبي
لا تفعل شيئا.
ماذا عن الفرسان البرية؟
يركضون بلا مبالاة
والخيول يتركن آثار الحَوافِر في رأسي
لا تسيل الدماء
لكني أشعر بعمق الثقب
في ذهني
وأنت جالس
لكنك لا تری شيئا
مخلوق مركب
نصفه إنسان ونصفه تنين
يريد أن يلتهمني
أمسك بيدي نابه الأملس
لئلا أسقط
في عمق حفرة مظلمة
كبئر يوسف،
امتلأت حنجرتي صراخاً
وأنت جالس بجواري
ولم تسمعني.
ثم أهرول
بمحاذاة الخيام
سرعان ما ترتفع ألسنة اللهب
واحدا تلو الآخر
أسمع الصياح
ولم أرَ أحدا هناك
مع هروبي
تصبح آثار الاقدام حفرا
تخسف بها الارض سحيقا
لم تمد يدك الي
لتنقذني
وأنت شغوف بالغناء لنفسك...
أستيقظ فجأة
لأری أقنعة مزركشة
تحت كل واحدة منها
أكتشف الوجوه الحقيقية
اذ يقولوا لي:
الحلم والحقيقة هما نفس الشيء.
***
احالات الرموز:
*عتبة بن الحباب بن المنذر بن الجموح الخزرجي الأنصاري، وهو من الشعراء العشاق، اشتُهِر بقصة مغدوريته وعشقه لمحبوبته ريا بنتُ الغطريف السُّلم، بعد اتمام القران عادا عروسين من السماوة الی المدينة، وفي طريق العودة خرجت عليهم خيول تريد الإغارة من بني سليم أتت بأمرٍ من الغطريف، قاتلهم عتبة بشجاعة وقتل منهم عدة رجال، ثُمّ عاد عتبة بفرسه وفي نحره طعنة تفور دماً ثُمّ سقط على الأرض من على فرسه، فرمت ريا نفسها من الهودج إلى عتبة وبقيت تحتضنه وتبكي ثُمّ شهقت ريا شهقة واحدة وماتت مُباشرة وبعد سبع سنين ذهب عبدالله بن معمر القيسي لزيارة قبر عتبة وريا فإذا به يرى شجرة نابتة على قبرهما عليها عصائب حمر وصفر وخضر، فقال للقوم الذين يعيشون قريباً من القبر: «ما يُقال لهذه الشجرة؟»، أي ما هو اسمها، فقالوا: شجرة العروسين.
*الشاعر الكلاسيكي الکوردي نالي الشهرزوري ١٨٠٠-١٨٥٦ والذي يقال عنه أنه توفي في الغربة في اسطنبول أو في مكان آخر غير معلوم.
*الشاعر التونسي ابو القاسم الشابي ١٩٠٩-١٩٣٤ شاعر الخضراء المناهض للظلم وصاحب أبيات (إذا الشعب يوما أراد الحياة)