الحرية والعدالة

و المقال الممنوع من النشر في الجمهورية المصرية

غادة نبيل

كلمتان خفيفتان على اللسان ستظل الثورات تقوم لأجلهما.. لن يُغنى وجود إحداهما دون الأخرى.

هما شرطان للوجود الإنساني الكريم..ثقيلتان في الميزان إن تم العدوان عليهما أو تطبيق إحداهما على حساب الأخرى أو وفق رؤية تدمر حق المواطن فيهما يما يُؤمن حياته وكرامته وحقوقه الإنسانية كلها: حق العمل، وحق السفر، وحق الإيمان أو الكفر أو اختيار أي دين غير الدين الرسمي للدولة مع عدم معاقبة صاحب الاختيار أو نبذه أو إهدار دمه، حق التظاهر السلمي والتجمهر، حق التعبير عن الرأي دون تحريض أو إهانة أو سب أو قذف، وحق سماع الموسيقى دون فرضها على الجيران، والحق في ممارسة الفنون والاستمتاع بها من دون رقابة أو حذف أو إغلاق لأماكنها، وحق الكتابة والرسم والعزف والرقص والغناء والنحت والنقد.

لا أحد فوق النقد أبداً ولن يكون.  وأول من يجب نقدهم علماء الدين ورجاله لأن وظيفتهم ومسئوليتهم الأخطر إطلاقاً.

لا حرية من دون عدل. إن وُجِدت من دونه تغدو مُهدَّدة. العدل وحده لن يكفي للبد – هذا إن تحقق. لكن إن كان لا بد من اختيار أختار العدل .. ثم أثور لحريتي .

كيف نسى الحزب الذي يحمل اسم أهم ما حاربت البشرية وما زالت ( في المنطقة العربية والإفريقية ) من أجله .. اسمه بهذه السرعة ؟

هل الحرية على الطريقة الإخوانية والسلفية هي منع الكُتّاب الذين تُرجِمت أعمالهم للغات العالم مثل الروائي إبراهيم عبد المجيد من النشر في صحف انهارت منذ عقود بسب "حكوميتها " وتبعيتها المؤبدة للساكن في قصر عابدين أياً من كان؟. أنتم لم تنتبهوا بعد للفضيحة التي بدأتموها لمصر بمذبحة الإعلام أمام العالم حتى عاجلتمونا بمذبحة أشد للمبدعين. لا ترون ما هو " العار" لأن لديكم تعريفاً واحداً وغير إنساني له .

عبلة الرويني ويوسف القعيد وإبراهيم عبد المجيد. غداً من ؟. تحصدون الحرية بعد ثورة قامت من أجل الحرية والعدل ولكن ليس وفقاً للمفهوم الشره السائل على السلطة.

ستغلقون صحفاً ودوراً للنشر. ستصادرون الكتب الموجودة وغداً - فى القريب – لن نجد كتب طه حسين ولا محمود أمين العالم ولا نصر حامد أبو زيد ولا دواوين حلمي سالم ولا فاطمة قنديل ولاغيرهم .

ستمنعون الدواوين الجديدة، والمسارح والمعارض التشكيلية، سترسلون دورياتكم التفتيشية لفحص محتواها، وتغلقون المتحف المصري وقبله ربما القبطي الملئ بالصلبان والأيقونات وربما تسمحون بزيارته فقط للأقباط والسائحين.. فالتماثيل حرام بخاصة لو عارية، والنحت يُذكر بالأصنام والصلبان لا يعترف بها " الحرية والعدالة " وتسبب لأنصاره ضيقاً، ثم دور النساء آتٍ .. هؤلاء الناقصات من كل شيء لا يجب نزولهن الشارع إلا مع محرم وحجاب ويُفضل النقاب ومذيعات التليفزيون الرسمي سيتم تخييرهن – ولو تلميحاً – بارتداء الحجاب إن أردن الاحتفاظ بوظائفهن، كما تم التنبيه على زميلات وزملاء صحفيين بعدم استخدام تعبير "الإخوان المسلمين " أو تعبير " أخونة" و" أسلفة " الأي شيء. الأفلام سنبحث عنها في فضائيات عربية لأن مفرزة الحلال والحرام بدأت . في الشارع ستزداد حوادث التحرش بكل من يسير ومعه فتاة أو سيدة لا يستطيع إثبات صلته به شرعاً وتكثر بلطجة مدعى التدين ، سيسيل الدم باسم الدين . أما التعليم فيجب أن يُيمم وجهه شطر مقرات حزب "الحرية والعدالة " في المقطم، هناك في الأعالي، بعدما استتب الأمر لرؤساء تحرير يتناوبون على دهس حريتنا ومنهم من سخر من ثورة الأمس في يناير ومنهم من يتحسسون من الكلمتين الخفيفتين على اللسان، المستعصيتين على الحزب الذي يقوم فكره على "فرض" الهداية والصواب والصلاح والشريعة باعتبارها جميعاً نفس أهداف الجماهير، فإن لم تكن فالحرية هي ما يراه ويُقدره بوصفه كذلك والعدالة هي عدالة وصوله وحده إلى السلطة ليفرض على مواطنين لم ولن يبلغوا سن الرشد – بحسب رأيه - ما يقول لهم أنه مصلحتهم أي ما يؤمن به مُقبّلو أيدي المرشد ومهدرو دم المختلف، ولو اعترض الناس على تلك الهداية بالإكراه فالحل هو السيفين اللذين يُزينان شعاره.

 

شاعرة من مصر