في قصيدة الشاعر المصري، أحد شعراء "التسعينات في الشعر المصري الحديث"، تشكيل للحظة المفارقة ولعلها لحظة مجازية لحالة راهننا اليوم، ففي سفره الشعري الداخلي يلهمنا الشاعر بجزء من تفاصيل صور زمن "ضال" حيث أضحى العالم "غابة" أخرى أكثر وحشة، ومن خلال سفر الجسد الهلامي نكتشف حالة "اللاطمأنينية"، وتشكيلا لغويا ينصهر في بلاغة الجسد..

غابةٌ أخرى

مؤمن سمير

كانَ راقداً ، بحذرِ المذعورِ من بريقِ الشَرَكِ ، تارةً يَشُدُّ ألواناً تملأُ اطمئنانهُ ويغني للبلاطات التي تخفي التماسيحَ الطيبةَ .. وتارةً يقبضُ على ضحكِ الجاراتِ ويهيمُ بعَدْوِ البنتِ وراءَ جسدها ويبني سماواتٍ في رعبِ طفل .. وهكذا حتى ارتعشَ قربَ حافة النهار وصَرَّ على أسنانهِ وقالَ أنا بردان .. أحتاجُ لضمةٍ عنيفةٍ من جدارٍ طيب يدمجُ نوافذهُ بالنَبْرِ الذي استكانَ في الجبل البعيد .. وقد أُثَبِّتُ نخلاتٍ ونيرانٍ  أو تصعدَ الشفقةُ وتنشطرَ الظِلالُ ..

 

مَنْ يكشفُ الروعةَ لي

مَنْ يَسِبُّ المراوغةَ تحتَ حليبها ..

 

مَنْ يُكافِئُ ندهةً

على اقتناصِ القسوةِ في لقطةِ الرقصِ

 

مَنْ يحشو العَظمَ بي ..

.. والمقاعدُ شيلوها من فوقي

واربطوا الدوائرَ في شَوْكَةِ قرصانٍ آخر ..

 

لطالما أَوْقَدتُ ناراً

لرشقةِ عطرٍ تسرحُ بيني وبيني

 

لطالما استقرَّ اللسانُ في حبلها ..

.. وبعد ردهةٍ طويلةٍ ينهمرَ البابُ:

 

بماذا أردُّ إذا سَاءَلَتني المفاصل الليِّنةُ

 

عن الطيرانِ في الأعيادِ

عن قوسِ النصرِ ..

عن رهنها للمرايا ومجاملاتِ الربِّ ..

عن سيارةٍ ستحملُ جثَّةً غامضةً كانت تودُّ الصراخَ أولاً ....

 

مَنْ لي بشظيةٍ تَصُرُّها السيدةُ في حقيبتها

وتحاصِرُ بها شلالَ الغاباتِ

 

مَنْ لي بشبيهٍ فأرتاحُ مني ..

وأداعبُ نَهَمي كأنما العِواءُ في زجاجة الدواء

كأنني أحبو في التئامِ النَفَقِ ..

فيركبَ الصوتُ السقفَ ويحفرُ الخنادقَ

وتزحفُ ذؤاباتُهُ على شَمَّاعة الأسلافِ

فلا نَشُمَّ وَتَراً يُرَجِّحُ ذاكَ اللهاثُ ..

 

ارتميْتُ

في العمودِ الفقريِّ على جذوةٍ

ويمينها كثبانٌ وطحالبُ وابتساماتٌ

والحراشفُ تفتحُ للتنفسِ

فينهمرَ اللهُ

ويسيبُ مخلباً في الذيْلِ النائمِ خلفَ النبضِ ..

 

مسافراً

وكنتُ جَوَّالاً على صُدْفَةٍ

فإذا بذراعي يصفو

وأغرسهُ في روعةِ النبعِ

على رعدةٍ

وحيوانٍ

ضال ........

 

شاعر من مصر