يصبح للغياب استعارة كبرى عند الشاعرة المغربية، بعضه تكوره أملا من ديدن "المحرقة" وآخر تعرفه عنوة كي تعري حقيقته.. نصان قصيران في مديح الغياب، يعيدان معا تشكيل تلك الصور، والتي طالما تناقلت عبر مختلف العالم لمذابح وقتل وتهجير وويلات، لتنتظر في النهاية شاعرة كي ترسم لها إطار مناسبا يدعونا الى التفكير.

أيها الرُّفاتُ اجْـمَع بعضَك، فكلُّك يحتضر

سعيدة تاقي

ـ في حضرة غيابِك ـ

 

الماءُ يـشرَقُ بغصَّاته.

و الطِّـينُ يتلـكَّـأ،

باحثاً عن شمسٍ

تغْـشى الأبصار.

الموتُ ينزِف،

ضمائِرَ لا صوتَ لها.

و الأشلاءُ تفتَرِشُ السُّبُـلَ

دون سابِقِ وُرود.

الأيادي الصَّماء

لا تنشُـدُ غير التحليقِ

في تنزيلٍ نحو الأعلى.

في قَـلْبِ "المحرقة"،

ما زال على الأرض

من يقتَرِفُ الحياة.

 

ـ عَـتبة الفَــواجع ـ

أيها الرفاتُ

لا تتكَّوم داخِلاً..

القبورُ،

ذا عشّيةٍ و ضحاها،

تسري بوهْم الفردوس

على حوافر النار..

تبيعُ الشّهادَة

بباطل عمامةٍ

و مواكب مصفَّحة.

و الأكفانُ،

محفلُ سوادٍ

يسبِّحُ جهراً

بـآياتِ الخنَّاس،

و يـمتطي سرّاً

الأقمارَ المصنَّعة.

أيُّها الرُّفاتُ

اجمعْ بعضَكَ،

فكلُّكَ خارجاً يحتضر.