يمثل الفنان المصري العالمي الراحل نموذجا لمسيرة النجاح الفنية التي تصاحب أي صاحب موهبة حقيقية استطاعت أن تنافس من أجل إثبات جدارتها عالميا وهو ما استطاع أن يتحقق للفنان الراحل بعد مسيرة من العطاء السينمائي انتهت برحيله عن عالمنا الشهر الماضي، وفي هذا المقال نقترب من أهم المحطات التي تؤرخ لمسيرته الفنية.

عمر الشريف..«دكتور جيفاغو» يرحل

غيب الموت الممثل المصري العالمي عمر الشريف بعد مشوار فني حافل قاده إلى العالمية بعد فيلمي "لورنس العرب" و"دكتور جيفاغو".

 الشريف، الذي كان بمثابة سفير السينما العربية إلى هوليود والعالم، ترك رصيدا فنيا حافلا. اشتهر عمر الشريف بأداء عدد من الأدوار في السينما الأمريكية، أشهرها "دكتور جيفاغو"، "فتاة مرحة" و "لورنس العرب". كما رشح الممثل المصري، الذي توفي عن عمر يناهز 83 سنة، لجائزة الأوسكار ونال ثلاث جوائز غولدن غلوب وجائزة سيزر. بدأ عمر الشريف مشواره في السينما مع المخرج المصري يوسف شاهين في فيلم "صراع في الوادي" عام 1954.

وقبل انطلاقه إلى السينما العالمية، شارك الشريف في عشرين فيلما مصريا في الفترة من 1954 حتى 1962. وفي وائل الستينات التقى الشريف بالمخرج العالمي دافيد لين الذي اكتشفه وقدمه في العديد من الأفلام، وأبرزها دور " الشريف علي" في الفيلم البريطاني "لورانس العرب"، الذي كان نقطة تحول في حياته إذ أصبح بعده ممثلا عالميا.

وقد حاز أداؤه في "لورانس العرب" على ثناء النقاد، ورشح للفوز بجائزة الأوسكار عن فئة أفضل ممثل في دور مساعد، ليكون بذلك أول ممثل عربي يُرشح للأوسكار. وفاز عن الدور نفسه بجائزة الكرة الذهبية (غولدن غلوب). لكن عمر الشريف وصل إلى القمة في السينما العالمية بأداء الدور الرئيسي في فيلم "دكتور جيفاغو" في العام 1965. وفاز عن دوره في الفيلم لمخرجه دافيد لين، بجائزة الكرة الذهبية (غولدن غلوب) للمرة الثانية لكن هذه المرة كأفضل ممثل في دور رئيسي.

وقد لعب الشريف في فيلمه الشهير "دكتور جيفاغو" دور طبيب جراح مشاعره متعلقة بين امرأتين. والأحداث الرئيسية في الفيلم هي سنوات قبل وأثناء وبعد الثورة الروسية. ومثل دور زوجته جيرالدين شابلن ابنة الفنان الكوميدي الشهير تشارلي تشابلن. وألف الموسيقى الموسيقار الفرنسي موريس جار. الفيلم جعل من شريف يصل إلى قمة النجومية العالمية ويكسب قلوب النساء.

»دكتور جيفاغو» إلى الأبد
شارك الشريف أيضا في مجموعة من الأفلام الشهيرة في السينما العالمية منها
"ليلة الجنرالات" 1967 وفيلم "فتاة مرحة" 1968، و"تشي جيفارا" 1969" و"بذور التمر هندي" 1974. ومن أواخر أفلامه في السينما العالمية "مسيو إبراهيم وأزهار القرآن" 2003.

وهو ما جعله يغيب عن السينما المصرية منذ أواخر عقد الستينيات وحتى أوائل عقد الثمانينيات حتى عاد إليها بفيلم "أيوب" 1983 ثم فيلم "الأراجوز" 1989، وكان أخر أفلامه المصرية "المسافر" 2008. وفى عام 2004 حصل الشريف على جائزة سيزر لأفضل ممثل عن دوره في فيلم "السيد إبراهيم وازهار القرآن" كما حصل عام 2003 على جائزة الأسد الذهبي من مهرجان فينيسيا السينمائي عن مجمل أعماله. ومن بين أهم الأشياء التي ساهمت في نجاحه إتقانه للعديد من اللغات العالمية، ففضلا عن اللغة العربية، كان الشريف يتقن الفرنسية والإنجليزية والإيطالية. ورغم نجاحه ومشاركته في العديد من الأعمال العالمية، إلا أن دوره في " دكتور جيفاغو" يبقى أهم الأدوار التي ظلت عالقة في الأذهان. وهو ما كان يزعجه في بعض الأحيان، حيث قال مرة" أنا بالنسبة للعالم فقط دكتور جيفاغو".

اعتناقه للإسلام
ولد عمر الشريف في العاشر من ابريل عام 1932 في الإسكندرية مسيحيا واسمه الحقيقي ميشال شلهوب، من أب لبناني وأم لبنانية-سورية. لكنه اعتنق الإسلام في العام 1955 ليتزوج من الممثلة المصرية فاتن حمامة التي أنجب منها ابنه الوحيد طارق. ولم يتزوج الشريف مجددا بعد انفصاله نهائيا في العام 1974 عن فاتن حمامة الذي ظل يقول عنها إنها "حب حياته" والتي توفت في كانون الثاني/يناير الماضي. وفي شهر مايو الماضي صرح أبنه الوحيد طارق الشريف في مقابله له مع صحيفة " الموندو" الإسبانية، أن أباه مصاب بالزهايمر. وبعد أقل من شهرين استسلم الشريف للمرض ليرحل عن هذا العالم تاركا وراءه رصيدا فنيا حافلا.