يشركنا الشاعر العراقي في هذا التشظي المضاعف الذي يعيشه ويتوزع يومه حين يرى مآل مدينته التي تعيش حياة لا تختلف كليا على وضعية وطن يرزخ تحت الفوضى التي تهدد وجوده ومستقبل أبنائه، صور مأساوية حيث الدم والتقتيل وضبابية المستقبل.

عصف

عبد الله سرمد الجميل

في مدينتي ،
يندمُ دجلةُ إذ يمرُّ ،
يسقونَهُ دماً ،
يطعمونَهُ جثثاً ،
في مدينتي ،
يريدونُ بعدَ قتلي ،
أن يصلوا صلاتَهمُ ،
متخذينَ قِبْلَةَ الموتِ ،
يخافونَ قوس قزح
المتجذّرونَ في العتمةِ ،
ومراياهم المهشّمةُ ،
يخافونَ قوس قزح ،
حزنٌ
تشهقُ الألوانُ ،
أو تصلُ مخنوقةً ،
أو تذبلُ عندما تقرأُ الليلَ الكثيفَ ،
ألا من طوفانٍ جديدٍ ؟
رأيتُني أتوسّلُ إلى الحوتِ ،
ألّا يمجَّ يونسَ ،
رأيْتُ طرفةَ يحشو مقلتيهِ ،
بكاءً جديداً على طللٍ قادمٍ ،
لم يُعطَ لي أن أودّعَهُ الوداعَ الأخيرَ ،

لم يبقوا عندي إلا الصمتَ ،

توسّدْتُ أوجاعي ،

أرقبُ أن يطلعَ سهيلٌ ،

أو يجيءَ طوفانٌ جديدٌ ،

إذّاكَ يُطالعني وَسواسُ حجولٍ بعيدٌ ،

أشتاقُ عطرَ امرأةٍ ،

نداؤُها ينبضُ لي فوقَ جفوني المتعبةِ ،

سأبصقُ الخوفَ ،

وأستلُّ منكِ حياةً جديدةً ،

 

سريري
نجومٌ بادرةٌ ،
أحجارٌ تلبسُ الريحَ ،
قمرٌ للحزنِ بذاكرةٍ مدينةٍ ،
وأنا ،
كلُّهم أقاموا تلكَ الليلةَ في سريري ،
عينايَ منارتانِ للسهرِ ،
ذي دمعتي تخرجُ داميةَ القدمينِ ،
وتعودُ مع حبيبِها الفجرِ ،

هذيانٌ
وأنا في السريرِ ،
تشتّتُ مروحةُ السقفِ أفكاري ،
تارةً تقفُ واجمةً أمامَ صورةٍ منسيّةٍ ،
تارةً تهربُ من نافذةِ غرفتي ،
وربما دارت معَها لحينِ الغفوةِ ،

 

العراق