عن الزمن ومفارقاته يصحبنا الشاعر اليمني المغترب في رحلة غير عادية على نهر الحياة، حيث يلتقي قدر الشاعر مع حيوات آسرة أنهكها الزمن ومفارقاته حيث تتحول اللحظات الجميلة الى ذكرى تنمحي مع كل سيلان للماء ولا تظل إلا ذاكرة الشاعر متيقظة

يوماً على النهر

مجد علي محمد زيد

كنّا وكان النهر

في البداية ضاحكاً وقت اللقاء

كان اليوم سعيداً يخاطب زوار ذاك النهر

ويرسم البسمات

على أفق السماء

حكايةً من الوله المعبق بالشجونْ

وكانت طفلةٌ في الأفق

تداعب النهر بإصبعيها

فيرتسم وجه حبيبتي وهجاً عليه

بيدها كانت الشمس

تحجب عنا حرارتها اللاذعة

والنهر يرشفنا بقطرةٍ من مائه

أو قطرتينْ

وطائرٌ تباها بلونه المرموقِ

بين جموع العابرينَ

ليأخذ كسرة من الخبز المجفف

ويهديها لطائرةٍ تنتظر في الضفة الأخرى من النهر

وآجلة عليه

وحين يأتيها

تعاتبه كيف ذهبت بين أولئك

فيجيبها لولائكْ

وترفع جناحها الصغير الرقيق

ليضمها بجناحهْ

وصيادٌ مسنٌ

قرر أن يأخذ حفيده على زورقٍ مثلومٍ

برحلةٍ في النهر تملؤها المحبة والنقاءْ

بيده كان ينقل الماء إلى النهر

فينهض حفيده لعونه فيشير أن استريحْ

والصوت أصداء ريحْ

والعشق من مقلتيها

يباغتني ويملؤني انتشاءْ

***

حينَ آلت الشمسُ للمغيبِ

قبلتُ حبيبتي فاحمر وجهها استحاء

وغدت تشع في المساءِ على وجنتيها القبلتين

ومضينا بجانب النهر

تسبقنا خطانا

ونسبق الريح إلى الشفقْ

والحب يحملنا ملء اليدينْ

والعشق أغنية تكلل مساءنا بالتوقِ

لتمتد غيهباً

على النهر يربط بين الضفتينْ

فنعبره

وعيوننا ترمق النجمات

حين تدنو لنلمسها بأيدينا

فيشتعل الأفق

    ***

يستلقي على الضفة الأخرى من النهر

بلبلٌ ولهان

واضعاً رأسه على صدر أقحوانةٍ

يرمق بطرف عينيه القمر

متنهدا غنى

فكانت النهدة الأولى لحنٌ حزينْ

وتلاه صوتُ برقٍ دنى من النهر

ليفزعنا قليلاً

وبعد أن ولى بقي الصدى

وشوق هذا البلبل يجتاز المدى

النهدة الأخرى أفاقت في وجوم الليل مليكته

فهبت إليهِ

لينسجا في مساء الصمت أعذب الألحان

وتدور في غنائهما المدينة

وندور نحنْ

وتدور ألوان البنفسج..

 

شاعر من اليمن مقيم في ألمانيا