يتلمس الشاعر الأردني المرموق بعضا من تفاصيل صورة "طيف" عابر، يسعى كي يتحلل شعريا أمامه وكي يستعيد بعضا من حياة، وجع البعاد والغياب يؤجج لديه مرارة مضاعفة وحاجة للنسيان والمحو، لتتحول المشاعر والأحاسيس الى جسر لإعادة تمثل حضورها من جديد.

أحبكِ كي لا أحبك

موسى حوامدة

هكذا إذن

تتركينَ قلبي معلقًا بينَ أنياب الريح
وتعودين إلى يأسِكِ القديم.

 

هكذا إذن
لم تدم تلك القبلة
ولم تزهر أوراق الخريف
وما كان يسمعه البحرُ من ترانيم الصخور
لم يكن سوى عواء الروح.

 

هكذا وهكذا
تغادرين بستانك الأخصر
ونبيذك السلسبيل

لتشربي حساء الفراغ

وتقطفي زهو النرجس.

 

هكذا
لا يريد الماءُ رذاذَه
والعناكبُ تنمو بين يديك
وفي ظهري طعنةُ رمحٍ قاتلة.


أحبك
هكذا ...أحبك
هكذا يدخل الثلج دماغي

والساعة تعود للوراء.

 

أحبك
كي لا أحبك

نادراً ما تكره الأيدي الأصابع
والفؤاد الخفقان
نادراً ما تودع الكهوف عتمتها
والحروف تهجر اللسان
أحبك كي لا أحبك

كما تحب النعيبَ الغربان
وكما يعشق المرضى شفاءهم
وتكلل الموتى الأكفان

كما تحب الدموع الحزن
والمراثي المصائب
والخيانات الخذلان.

 

هكذا إذن
أمرِّرُ أصابعي على بصمات الهواء
فألمسُ وجهك
ألثمُ ظلَّ ذكرى فأحس خلايا جسدك
أستنشق عطر الحروف فأشم رائحة يديك
أزيح تفكيري بعيداً عنك
فأراك
أغلق هاتفي لكي أنسى
فتهب ريحٌ تشبه أنفاسك

 

هكذا إذن إذن
كلما نسيتكِ تذكرت
وكلما تغافلتُ عنك كنت أكتبكِ

 

هكذا وهكذا دائماً
يخون القلبُ صاحبه
وينام في صدر بومة خرساء..

 

2017/8/14