يبحر الشاعر الفلسطيني في أتون اللحظة المفصلية لعبور محطة النهايات، وكعادة شاعر الوطن والحب، يختصر الأمر في لحظة تؤشر على وجع الشاعر وعزلته في عالم اليوم، حيث تمسي المساءات والأوقات واللحظات تختصر في خطوة عبور قاسية الى الغياب.. وحينها يعيد الشاعر تشكيل الصورة بكاملها.

صباحُ شيخٍ في الخامِسَةِ والسَّبعين

حسين مهنّــا

 

صَباحي بَهِيٌّ وأَجلِسُ وَحْدي

وبي رَغبَةٌ في الحديثِ

فَعُذرًا إذا ما كَتَبْتُ بِحِبْرِ المَحبَّةِ عن ذاتِيَهْ.

 

أَنا الآنَ أَخطو على شارِعِ العُمْرِ

خَلفي رُكامُ السِّنينَ..

أَمامي بَقِيَّةُ عُمرٍ- إذا ما وُهِبْتُ الحياةَ ! –

ولَيتَ تكونُ لرِحلَةِ عُمري المُحَمَّلِ هَمًّا هي الخاليَهْ.

 

صَباحي جَميلٌ ..

أَقومُ

أُنَفِّضُ عن مُقلَتَيَّ بَقايا نُعاسٍ

أُغَسِّلُ وَجهي

وآخُذُ قَبلَ الفَطورِ حُبوبًا تُرمِّمُ قَلبًا

يَخونُ المَودَّةَ والصُّحبَةَ الرّاضِيَهْ.

 

يقولُ الطَّبيبُ: تَأَنَّ بِمَضغِ الطَّعامِ

وخُذْ ثُلثَ قوتِكَ تَسلَمْ مِنَ السِّمْنَةِ العالِيّهْ.

وأَخرُجُ كي أَتَنّشَّقَ عِطرَ الصَّباحِ

 

بَهِيٌّ صَباحُ الجليلِ

نَدِيٌّ نَسيمُ الجليلِ

وأَجلِسُ في باحَةِ الدّارِ

أُلقي الجَريدَةَ بَعْدَ قِراءَةِ أَخبارِها الخاوِيَهْ!

وأُصغي الى ما تَبُثُ الإذاعةُ...

 

هذا الغِناءُ الشَّجِيُّ يُعيدُ إليَّ أَريجَ الشَّبابِ

فَأَمْلأُ صَدري بِحُبِّ الحياةِ

وأَرنو الى الأُفْقِ- ذاكَ البَعيدِ البَعيدِ

ونَفسي تَتوقُ الى البُنِّ....

هيهاتَ!

ما دُمْتُ أَشكو مِنَ الضَّغطِ فالحُكمُ لِلعافِيَهْ.

وأُغمِضُ عينَيَّ قَصْدَ التَّأَمُّلِ

أُبصِرُ طِفْلًا

  • تُرى مَنْ يَكونُ؟

 

تَبَسَّمَ بَسْمَةَ لومٍ

وراحَ يطولُ ويَكْبَرُ

ثُمَّ يطولُ ويَكبَرُ

قلْتُ: أَأَنْتَ أَنا؟

فَقالَ أَنا أَنتَ يا مَنْ رَكَمْتَ السِّنينَ على كَتِفَيَّ

ورُحتَ تَهيمُ بِدُنيا هيَ الفانِيَهْ.

 

وأَفْتَحُ عَينَينِ زائِغَتَينِ

كَأَنّي أُعاوِدُ رِحلَةَ عُمري لِأَشربَ أَيّامَها

وصْفَةً شافِيَهْ.

وأَشْرَبَ كُلَّ صَباحٍ جَميلٍ

الى أَنْ يَجيءَ صَباحٌ

يقولُ: وَداعًا..

أَقولُ: وَداعًا..

وأَمْضي رَضِيًّا الى ظُلمَةِ الهاوِيَهْ.

 

البقيعة/ الجليل 20/7/2019