عن وجع الخيبات تكتب الشاعرة المصرية، بقلب شاعرة أرهقتها الحياة والعالم الكسيح بويلاته، تبحث عن خلاص لروحها وأرواحنا المثقلة باللا أمل، حتى القصائد لم تعد لها القدرة على كتابة حيوات ملاذها وحتى اللغة ذاتها وهي تحفر في المعنى واللامعنى، جميعهم تركوا لروح الشاعرة خيبات لا تنتهي وانكسارات متراصة على أفق المستقبل، لا شيء يرمم خراب العالم سوى هذه الأمنيات.

كنتوأين في ظهر العالم

ديمة محمود

 

هزمتنا القصائد يا حبيبي

حينما كنّا خفافاً كميدانٍ لا تهمي ثناياه

ثمّة رضوضٌ تنكأ انكسارنا

ومعولٌ للحشد يومىء بالحريق

يلوّح الشّفق هناك وأراه

في الثّكنة نلعق أرجلَنا

ولا نبالي

قصيٌّ أنت يا حبيبي

كنجمةٍ قريبٌ

كقطعة سكّر

ترمّمك القوافي كمحيطٍ بعيد

وتجذبك السّهام مثل نورس

يريبك اقترابنا كهرواتٍ

تعصف بانتفاضات العمّال

والفلّاحين

بيما تدغدك "أنشودة الفرح"

كرضيع

ويقسّم قوس "عبده داغر" كريّاتك فتفور بالتّوت

منذ متى وأنت في التّيه تلاقي نفسك لولا أن قبعاتٍ وتيجانَ

استحالت لآلئ وحناجر ممشوقةً لأراجيز تصهل في دمك.

 

ارتعشنا كنتوأين في ظهر العالم

لم تعدّنا أمهاتنا للحرب باكراً 

ولا لتحضير الأرغفة

وترميم البلّور

كنّ يحملننا على صفحة النهر

لنشتمّ رائحة صغار اليعاسيب  والسّمك 

ونجابهَ وجه العالم

بلا رتوش

ثم نكنسَ الوجوه والليل ورفوف القرميد

ونعبئ الهشاشة

لآجالٍ مسماة 

ريثما القوافل تغصُّ بالحقول والمزامير

وها نحن يتيمان في قاع النّبع 

نلوك اللذة والسؤال

 لماذا احتملنا كلّ هذا الهشيم

ونحن نحكُّ خدّينا 

كفراخ اليمام تذوي

تتلمّس حظّها في محاولات الطّيران

ساقانا الغائرتان في غيمٍ

تُقلّبان الحيرة في اجتياز الماء لأعلى

وتجزّئان القواميس في كؤوس العنب 

لحساب اقتراف اللّغة

أو توزّعان الشّبق في ستائر الأمد

الّذي قد لا يأتي أو يثور.

 

عدنا بِخفّي غيمٍ وثمالتين وأقفاصٍ من التّوت على رقابنا

وهذه الفضّة تلمع في شالٍ

ينتظر انبعاث الاستعارة

في قافلةٍ تمدّ الهسيس باتّجاه الشّمال

ولا تنتظر الحدّائين

وتؤوي الدّلتا في جيوب النّاجين

من حصار المخيّمات والكانتونات

انطبق الكهف على طيفٍ

وفتح صدره للغرق

بينما الموج غير عابئٍ بالهداهد والرّصيف

ينوء السِّفْر بالشّواهد

يكفيه فنجان الرّائحة

وانطفاءةُ شمعةٍ في أُصص الخوف

تُعدُّ السّلال نواياها للرّحى

والثّمرُ تؤذيه الرّزانة

تكلّل الحماقة جدائلها بالنّكايات

تصقل المرايا راحاتها للحرث

وتفكّك الثّابت والمتحوّل بانتظار قبّرة.

 

لا تكترث لكفّيَ التي انشطرت

التّشظّي إثر الهزيمة انتصار

من قال أن فوّهة الدّبابة لا تشتعل بالأغنيات

الجنازير هاهنا تدقُّ إيقاع الوطيس

وأنا أحصّن الغبار في حجر خيبتي

الكعك فشل أن يحتفيَ بالعيد

دعني هنا أَعُدّ الأشواك

وأشدّ حبال بقائيَ منفردةً

وأُثقّب القصبة علّني

أرجع للغناء

والأمنيات

وأربّيَ الأرانب من جديد.