يختار الشاعر جسر اللغة ليعبر من خلالها الى ظلال الشاعر حيث يعيد نسج تلك التفاصيل الصغيرة وصور حيوات عابرة وكينونات يقظى وبعض مما تخلف على ركوب زحمة الحياة بنفس شعري نثري يحفر عميقا في تلك الظلال التي ما انفك الشاعر اليوم يتلمس من خلالها بعضا من وجوده.

أشباه الموتى

عبداللطيف بن اموينة

 

1

الشرفات التي خانها الخريف

بالأمس

والليل الاعمى

والسكير المبلل برذاذ

أخر العمر

والأصص المشقوق في المشاهد المؤلمة

والسماء الخائنة

والحنين المتخثر في مياه الظهيرة

 

2

لا تكترث

فالحر بداخلك

سيوقد شموع الخلود

بين أشباه الموتى

 

كان الضباب كثيفا

حين تاهت قدماك

في الملكوت

 

لو يمهلني القدر

ثانية

كي اشرب كأسا دامعة

من غيوم الطفولة

 

الأدراج المضاءة التي صعدت

قبل قرون

قادتني وحيدا

إلى كهوف الخلاء

 

أيها القناص الثمل

كنس بهوا في قلبك

ودع العصافير تغرد للأبد

 

الحمامة العاشقة

انتحرت بالأمس

والرصاصة الطائشة

هشمت عشها البارد

 

لا تذهب بعيدا يا أبتي

فالأجراس تدق في قلبي

ونقيق الفجيعة

ينخر صمت التلال

 

الزمن يذوب

وأمام المرأة المجروحة

تتأملين جمالك الذابل

فيما قلبي العجوز

يفترش العراء

 

كبر الألم مثل جنين

في أحشائي

نبتت له أسنان

غدا كهلا فعجوزا

بمسبحة وعكاز

 

المطر البليد

ينقر على الشباك العتيق

لم يدر بخلده

أن لا أحد بالبيت

 

شرب قهوة مرة واقتنى تذكرة

صعد مقصورة الغباء

ونزل في أول محطة للندم

 

الجبل اليتيم قبالتي

توجعه الوحدة

ويدي تغرق في الخراب

 

الجثث تتساقط

مثل أوراق الخريف

وأنا أمسك بأمي

قبل الطوفان

 

الريح تصهل في الحديقة

مثل فرس جريح

والشيخوخة تقف على العتبات

 

حياتك تبددت

كأي سيجارة

دخنها سجين

في زنزانة معتمة

 

هل سمعت نشيج الكمان المراهق

حين ودعته أنامل شقراء

 

لا لم أنسى

آن الحزن هو صاحب البيت

آنا مجرد ضيف عابر

 

أحدنا

كان حطبا

في مدفأة الأيام

 

تحت الشجرة الوارفة

شربوا نخب الحياة

لم يأبهوا لجثته

متحللة على الطريق

 

أنت صعدت الطائرة

وأنا قرأت فنجانك

كان الضجر يقفز

من عيون العابرين

إلى قلبي.

 

شاعر من المغرب