يرصد الشاعر والفنان التشكيلي العراقي مجازات المكان وصوره، حيث صورة الجفاف الذي يتملك الأرض والروح والإنسان، وأبعد أن تكون المدينة تنتظر نقط الماء كي تغتسل من أدرانها فوجع الألم الذي يلف قلوبا وذكرى أكثر مرارة وأشد فتكا من العطش. ولأنها الصورة اليوم في وطن أمسى لا يستطيع أن يشكل أثرا ممكنا للأمل، يلتقط الشاعر، كعادته، الخراب بحس بصري وكأنه يؤطر المشهد باللون والكتابة.

المدينة الغارقة

ليث الصندوق

 

منذ أنْ أنجبتنا السِباخُ

وهذي المدينة تشكو العطش

فكلّ حصاة بأسوارها تستحيل فماً

يئنّ مع الليل أنّاتِ جوع

ولكنها اليومَ تغرق في سيل أخطائها

فحدائقُها في المعاطف تعدو مبلّلةً

ومن هربوا لائذين إلى جبل عاصم

لم يكونوا على سفحه أولَ الواصلين

فقد سبقتهم إليه الجذوع

**

إنه الطوفان

ألغيوم الحبيسة

تكسر أقفاصها وهي تزأرُ

ناهشة ما تبقى على جثة الشمس

من أذرعٍ وضلوع

بيوتٌ من القاع تخرجُ منفوخة

ثمّ تطفو على بطنها

مطرٌ غاضبٌ يجرفُ العرباتِ بركابها

إلى حيث تبلعهم في الوهاد الصدوع

**

إنهُ الطوفان

ولكنْ برغم خطايا المدينة

تبدو السماءُ مُبرّأة

من جريرة نكْس المدينة في الماء من قدميها

السماوات مشغولة ببناء دعائمَ ساندةٍ

للظهور التي انحدبت في الركوع

أيها الحاملونَ البيوتَ وأطفالَكم في الحقائبِ

إنّ مدينتكم لم تكن من ضحايا المطر

ألمدينة تغرقُ تحت سيول الدموع..