هي قصيدة من رحم الحراك، خصوصا عندما ينشد الشاعر العراقي صورة وطن يرغب المستبد أن يجعله نسخة منه، لذلك يختار الشاعر أن ينتصر الى وطن الجميع، وطن الشعوب التي ترسمه كما تشاء، في معاناتها وعذاباتها وفي قصائدها.

نحنُ الوطن

علي مولود الطالبي

مِن حلمِنا الأخضرِ المعلّق على الرايات

تصهلُ الخيولُ ...

تكبرُ فينا رغبات القمح

نحلمُ مثلاً برغيفٍ مثل الكونِ و أباريق و خشبة

حين صوت الحق ينادي ..

لا تبتئسوا يا أولادي ؛

هذا طعام يكفي الأمّة !

و هذا الحوتُ يكفي الدنيا وهذه حبّةُ رمّانٍ

أكبرُ من الأرضِ ...

قد تكون بيضاوية الشكل مثلها

أو كروية لكنها حتماً ستكفيكم يا أبنائي ...

هذا قميصٌ لم يأكل صاحبه الذّئب

ولا حتى مزّقه

سيحميكم مِن بردِ الشتاء ومِن حرّ الصيف،

ستزهو فوقهُ جميع الألوان

و هذا البيتُ وهذا المرجُ

و السياراتُ الفارهة والخلجان

بكفي سأمسحُ دمعةَ طفلٍ جائع

و بكفي أبني صرحَ الوطن المكسور

مِن هنا تماماً

حيثُ تنتشرُ بيوتُ القصبِ

والطينُ كالدّمل في وجهِ السّلطة

لا تنم الأصوات، تحلمُ بالقهوةِ و بالرغيفِ

هي ذي أيدينا يا "نحنُ "؟

ستكونُ أقرب إلينا مِن تنهيدةٍ حارقةٍ في صدرِ يتيم ...

 

وأوضحُ مِن فكرةٍ مباغتةٍ لقلبِ

أمّ تعجنُ الخبزَ بحلم الفقر !

ولدها الذي سيعود :

حتماً سيعودُ مِن مدرسةِ الطين

كي يشكّلُ أرجوحةً ورديةً من يديكِ السمراويتيين

لا تنسَ أبداً تلويحات الموتى ذات مساء دامع ...!

و حفيف الأوراق الممضاة يملئُ أعينهم بالضجيج

ينتظرون ...

مِن فوهةٍ في القبرِ يتأملون

هل ستفي كما وعدتنا بعقد الأمان

وخلخال السِلم الرابظ ؟

لا تدعهم ينتظروا كثيراً على بابِ القيامة

إمنحهم جوازَ المرور

تلكَ الشجرةُ في العراءِ و هذا اللحاف ..

سننامُ حتماً هنا و سيكون الليلُ

أأمنَ مِن قفزةٍ مِن فوق البرج

أليسَ صحيحاً يـــا "ريّس" ؟

ستخبز قوتاً و تغني للأطفالِ،

لا تدعهم يناموا فقد ناموا طويلاً

منذ أمس أمس الأمس

لَن تتركَ في الشارعِ شرطيّاً واحداً

سينامُ الشعبُ ...

كلّ الشعب تحت الشجرة

سيصيرُ الليلُ لحافاً وتصيرُ الشجرةُ الأمّ و الأطفال

نسينا القدرَ والحصيّات

و العصافيرَ المشوية

و حتى كلّ فراخ البطّ في نهرنا المكلوم

ستكون حلقتنا المفقودة

و يمكن أيضاً صوت العقل في الوقت

ستكون صوت الغائب فينا

وقلب الوطن المسكون بالسّؤال

هاتوا يدكم في أيدينا نركبُ معاً قوس قزح

يحيا ثغر العدل

والسلام

و تحيا طيور الحرّية

ونوارس الأمن

سننام جميعا في صدر البرّية

و بقلبي يا أولادي سأكتب بماء الخلد:

نحنُ الوطن ...

 

نحنُ الوطن...

 

 

شاعر من العراق