يخصنا الشاعر الفلسطيني حسين مهنا بهذه القصيدة الومضة الأقرب الى لقطة سينمائية، حيث يتحول المكان الى فضاء للقاء ولاستلهام قيمة إنسانية رفيعة جياشة بالعواطف، ويصيغها الشاعر بأسلوب أقرب الى تقنية المفارقة.

النّادِلُ..

حسين مهنّــا

 

فِنْجانُ القَهْوَةِ في يَدِها....

تَجْلِسُ في صَمْتٍ تَرْشُفُ قَهْوَتَها

عَجِبَتْ..

مِنْ أَينَ..

وكَيفَ!؟

ومَنْ أَعْطى القَهْوَةَ نَكْهَتَها؟

-هذا ما ارْتَسَمَ جَلِيَّاً فَوقَ مُحَيّاها مِنْ نَشْوَتِها-

والنّادِلُ في صَمْتِ العاشِقِ، عَنْ بُعْدٍ،

لا يَطْلُبُ غَيرَ سَعادَتِها

يَكْفيهِ أَنْ تَسْأَلَ جارَتَها:

مَنْ صَنَعَ القَهْوَةَ...؟

ثُمَّ يَراها تُهْديهِ بَعْضَاً مِنْ نَظْرَتِها.

سَأَلَتْ في طَرَبٍ جارَتَها....

عادَتْ تَرْشُفُ...

آهٍ ما أَشْهى رَشْفَتَها!

ما بَينَ الشَّفَتَينِ بَقايا القَهْوَةِ

تُعْطي لِلشَّفَتَينِ، على شَغَفٍ، سُمْرَتَها

والْتَفَتَتْ نَحْوَ البابِ،

فَحَنَّ البابُ لِلَفْتَتِها.

نَظَرَتْ نَحْوَ البابِ.....

وعادَتْ تَقْرَأُ في قَلَقٍ ساعَتَها

لَنْ يَأْتي... !!- حَدَسَ النّادِلُ-

لَنْ يَأْتي...

قامَتْ والغَضَبُ يُغَضِّنُ جَبْهَتَها

نَسِيَتْ فَوقَ الطّاوِلَةِ حَقيبَتَها

-سَيِّدَتي.. يا سَيِّدَتي... !! صاحَ النّادِلُ

قالَتْ: عَفْوَاً لَمْ أَدْفَعْ ثَمَنَ القَهْوَةِ... !

-ما جِئْتُ لِهَذا...

بَلْ جِئْتُ لِأَشْكُرَ سَيِّدَتي

..... قَدْ جِئْتِ فَأَحْيَيتِ الحَبَقَ الذّابِلَ في القَلْبِ،

مَسَحْتِ عَنِ الرّوحِ مَشَقَّتَها

قالَ...

وناوَلَها مَسْلوبَ اللُّبِّ حَقيبَتَها!

 

                                               البقيعة/الجليل( 2/9/2016)