قصائد

مايا أبو الحيّات

كلها تبقى وتنتحر اللغة
رفيقي الذي خانه الظل
والعمر والأمنيات
تحرقه الذاكرة
"قسط لفرن الغاز
درس في اللغة
ملابس داخلية على حبل الغسيل
مفتاح في المخرطة
بقعة القهوة فوق القميص
ورائحة المحرقة
كلها تبقى وتنتحر اللغة..
**********
صحوت...
كانت الرصاصة قد أخطأتني
لصالح الطفل المجاور
ـ ربما محمد وربما صالح
ربما سارة وربما خديجة
ربما طوني وربما أميمة
ربما وحيد وزاهر وماهر وجريس وداليا ومريم وعائشة
ووووووـ
لرائحة الموت الغض في جوفه
تتفتح الشهية
يقضم الكلب عينا ويبصقها
مالحة... مالحة
لوثها الدمع"
**********

على الأثير يبعث الرجل ذو الملامح الالكترونية
"instant message"
ـ ما هو الحب؟
ـ "هو طبخة ملوخية دافئة
تدفعك إلى البيت عند الظهيرة"
ـ بل هو ما قاله الشاعر في الوداع
"فأنت ـ وإن كنت تظهر أَو تَتَبطَّنُ ـ لا شكل لك ونحن نحبك حين نحبُّ مصادفةً..."
**********
لا أحن لشيء
لا أفق يرتمي فيه حلمي
لا أبد
ولا شيء أبدأ
كأني خلقت الآن/
منذ دقيقتين
ولم أعرف أحد
لا أحن إلى إي شيء أتى أو ذهب
أنا لا أحد
**********
ضيعتني القصيدة
بين المجاز وبين المجازر
هنا خدعة وهناك خديعة
أخطأ خاصرتي
حين تنزف حبرا
فأضمد النص
كم جراح سأنزف قبل اكتمال الحكاية
كم ولد...

على وقعهم أغرق
على وقع روحك/
حين تلف المكان عارية
اصفي دمي
من صهيل المعارك/
بين أصابعنا
أحلل غفوتك المشتهاة
"ترى هل تعيد اكتشاف الجغرافيا كما كنت ترغب
هل تدق يدا بيد وتلعن المسافة..."
على وقع أخبار العاشرة
أعيدك من حيث أنت
تنام بدفء وتحلم باللاوجود
أعيدك نحو صقيع الشتاء هنا/
              خبر عابر ينقل عدد الضحايا 
              وشكل الفجيعة في عين منتظر/ يستعين بكل الكلام    ويسعفه الصمت
على وقع حادثة الضوء... الصورة
ألملم ذاكرة من فتافيت وجهك
طفلة تقتلها دمية من جوارب وقطن/
وربما قنبلة
نخلة يكسرها انقطاع الريح عن الوصل/
بين كف وكف
ونزف السماء من الحنجرة
على وقع يومي الثقيل المعنف من كل صوب
يعد لي الوقت وقت
يفوح برائحة الموت المكدس في ثلاجة البوظة
أشربه وأنشر الغسيل/
ولا أجف

أمي تعد خساراتها
أمي تعد خساراتها بعد ليل الجريمة
ـ ثلاجة "كلفنيتر"
ـ ثلاث دجاجات
ـ ولدان
ـ بابور كاز... ويد
وتعود الحياة إلى وقعها دون أخذ ورد
رائحة الخبز
علبة التبغ بين يديه
شاحنة جمع القمامة
وأمي تعد خساراتها وتضيف رداء...
وشاحا...
ثم تكمل... دخلته.
وقفته...
قهوته...
دمعته...
مشيته
وابتسامة... دون رد
وتعود الحياة إلى وقعها مثل مد
بائع الخضرة
السمكري
راعي الخراف
سيارة الاجرة
وانتظار الحبيبة
وأمي تجمع ما تبقى لها
نصف وجه أبي
لفحة سعاد الزهرية
نظارتي الطبية
حصوة جدي
حسرته
غصته
وتجمع ما تبقى له
تزيد وتنقص مثلما شاءت لها الذاكرة
والأمنيات
قد يأتي مع البرد
في موسم الورد قد يتفتح
في افتتاح المدرس
في اختتام المواسم
في احتدام اللغة
وأمي تكرره كل عام
مع كل طفل جديد
تلده نساء الحي
تلده
تدقق في الملامح
في العيون
في حمرة الخدين
ربما عاد طفلا
لكل الأمهات
وأمي لا تعرف القراءة والكتابة
لكنها تعرف روحه عن ظهر قلب
وتعرف كيف ينام وكيف يقوم وكيف يمد يديه
وتعرف شكل غرته وغمزته حين يضحك سنه الذهبي
وأمي حين تعد خساراتها
لا تقول وداعا
لا تقول انتهى
لا تقول تبخر
أمي تعيد المكان كما كان
كل صباح
ليعرف كيف يعود
إلى البيت...

شاعرة من فلسطين