أضغاث

سعد سرحان

كان سبتاً.
وإمعاناً في تدليله سميته أربعاءً.
السبت شاعر الأسبوع.
الأربعاء زير الأيام قاطبة
وروزنامة عمري برمتها شاهدة.

إذا تخلفت القصيدة عن موعدها صباح السبت فلكي تصل الهوينى مساء الأربعاء وقد صارت امرأة مكتملة البهاء صورة وإيقاعاً.
وإذا تخلفت المرأة عن موعدها ذات أربعاء فإنني أسمي الأربعاء ذاك سبتاً حتى أشفي أوقات القلب من وجيب الانتظار.

السبت ذريعة القصائد
والأربعاء سبب النساء.
وهما معاً الحصانان اللذان يجران عربة أيامي في مسالك موحشة لا يؤنسها سوى لهاثهما الحميم.

(1)
... ولأنت الأربعاء
سبتاً وأربعاءً
صباحاً ومساءً
كرزاً وكستناءً
كحلاً وحناءً
أنت الأربعاء الذي يوافق أول الجرح في تقويم القلبْ.

(2)
ما من أربعاء إلاَّ ووجهك
ما من سبت إلاَّ وفادح.

(3)
أنت أقصاي عطشاً
وأنا أقصاك ارتواءً.

(4)
هل كان لقلبي
أن يصير بجناحين
لولا عيناك الوارفتان؟

(5)
..........إذن:
فلأسيج روحك بالقبل.

(6)
الأنوثة أشد من الفتنة.

(7)
شفتاك شكٌّ
ورضابي يقين.

(8)
فلتبذلي مزيداً من الكرز
لأجل بساتين الرعشة
في جسدي.

(9)
بيننا وردتان:
واحدة صفراء
والأخرى شاهدة.

(10)
قارس
حبك قارس:
دمائي من نار
وتصطكُّ.

(11)
القبلة مفتاح الجسد:
فهل تذكرين الرنين الأول
وقد عمَّ سائر الخلايا
وهل تذكرين أشعة روحي
وهي تتسرب رويداً رويداً إلى أبهائك
وأنت مُوارَبة فعلى مصراعيك
ثم وأنت فلذة شمس على السرير؟

(12)
ياهْ
كل أربعاء وأنت بعطرٍ.

(13)
... وراتعاً في ربوعك:
أصابعي عيناي
وكل صمتٍ بوحٌ.

(14)
... فيا شجر الحب
إني أدخر من الهديل ما يكفي
لإضرام الماء فيك
غصناً غصنا.

(15) لهبٌ شفتاك
لهبْ
فلا تنفلي لهما الأحمر
رأفة بدمي
وغيره من الحطبْ.

(16)
الأسود الشفيف
الأسود الناصع
الأسود الملكْ
أحَبُّ قمصانك إلي
ّ إذ
ما من لمسة
إلا وينبلج إثرها
صباح بأسره

ما من زر
إلا وتنتفض
رابية
أو سفحٌ أميرٌ. َ

(17)
اليوم نهدٌ
وغداً نهد.

(18)
صهْ،
إنني منهمك في حلمتيك.
( الحلمتان زران باذخان في ياقة الشبق )

(19)
أيها الخوخ
هل آلمتك؟

(20) أمدُّ أصابعي إلى قميصك الحرير
فأورق للتو:
هاأنت تحت شجيرة توت وارفة
ها قلبي شرنقة تذرف
الفراش تِلوَ بعضه
...
...
وها قميصك ـ انتبهي ـ
كله توت.

(21)
ثم عيناك مرة أخرى:
واضح فيهما تمرين الكُحل
غامض غامض فيهما
درس البكاءْ.

(22)
... وفي الأيام الحُرُمِ
تُحِلُّ أبهاؤك
ما أسفح من حليب
على العتبات.

(23)
خصلة شعر
هي رسولتك الفصيحة إليَّ
...
...
ياهْ،
خصلةٌ وتقول: نعمْ
...
...
خصلةٌ / مفتاحٌ
فطوبى لأرجاء القلب
بسراح الألمْ.

(24)
ـ آلو ...
ثم:
صوتك رقراقاً عبر أسلاك العسلْ
...
...
ثم:
ـ مساءً نلتقي
ـ على الساعة الرابعهْ
...
...
فنلتقي مساءً
على الساعة الرائعهْ.

(25)
القبلات كلمات أيضاً:
فيا لثرثراتنا التي لا تنتهي
يا لفصاحة الرضاب
ويا للبيان الذي بحرارة العناق.

(26)
يا قيلولةً من القبلْ
أغوتِ المساءَ
فجاءَ
على عجلْ.

(27)
أيها القميص الشحيح الثوب
لكم أنت كريم
إذ تغدق السُّرَّة
وهالةَ السرة
ولكم أنتَ ...
وأنت توقظ خنصر الشهوة
بخاتم الشبقْ.

(28)
... ولأنت قوس العطر
تضمخ سهمَ الكلمات
احتفاءً
بنزيفي.

(29)
هل جئت أمسِ؟
هل في الأزرق الأمير
كنت
أم في المشجر اللعوب
هل طرقت الباب حتى تصدعت
قيلولةُ الجيران
هل بتنهيدةٍ
احتجَّ صُدَيْرُكِ
أم بانتفاضة
...
...
تُرى، أين كنتُ؟